للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأراد مماسّتها فحلّفته برأس السلطان أن لا يفعل، فلم يسمع منها فبعث عنه السلطان صباحا وأخبره بذلك وكان سبب هلاكه.

وكان للسلطان مملوك يعرف بابن ملك شاه هو عين على عين الملك المذكور فأخبر السلطان بفراره وجوازه النهر فسقط في يده وظنّ أنّها القاضية عليه لأن الخيل والفيلة والزرع كلّ ذلك عند عين الملك وعساكر السلطان مفترقة، فأراد أن يقصد حضرته ويجمع العساكر، وحينئذ يأتي لقتاله، وشاور أرباب الدولة في ذلك وكان امراء خراسان والغرباء أشدّ الناس خوفا من هذا القائم لأنّه هندي، وأهل الهند مبغضون في الغرباء لاظهار السلطان لهم فكرهوا ما ظهر له، وقالوا: ياخوند عالم! إن فعلت ذلك بلغه الخبر، فاشتدّ أمره ورتّب العساكر، وانثال عليه طلاب الشّر ودعاة الفتن والأولى معالجته قبل استحكام قوّته.

وكان أوّل من تكلّم بهذا ناصر الدين مطهّر الأوهريّ ووافقه جميعهم فعمل السلطان بإشارتهم وكتب تلك الليلة إلى من قرب منه من الأمراء والعساكر فأتوا من حينهم وأدار في ذلك حيلة حسنة، فكان إذا قدم على محلّته مثلا مائة فارس بعث الآلاف من عنده للقائهم ليلا، ودخلوا معهم إلى المحلّة كأن جميعهم مدد له.

وتحرّك السلطان مع ساحل النهر ليجعل مدينة قنّوج «٤٥» وراء ظهره، ويتحصّن بها لمنعتها وحصانتها وبينها وبين الموضع الذي كان به ثلاثة أيّام فرحل أوّل مرحلة وقد عبّأ جيشه للحرب وجعلهم صفّا واحدا عند نزولهم كلّ واحد منهم بين يديه سلاحه وفرسه إلى جانبه، ومعه خباء صغير يأكل به ويتوضّأ ويعود إلى مجلسه، والمحلّة الكبرى على بعد منهم ولم يدخل السلطان في تلك الأيّام الثلاثة خباء، ولا استظلّ بظلّ.

وكنت في يوم منها بخبائي فصاح بي فتى من فتياني اسمه سنبل واستعجلني وكان معي الجواري، فخرجت إليه، فقال: إن السلطان امر الساعة أن يقتل كلّ من معه امرأته أو جاريته، فشفع عنده الامراء، فأمر أن لا تبقى الساعة بالمحلّة امرأة وان يحملن إلى حصن هنالك على ثلاثة أميال يقال له كنبيل «٤٦» ، فلم تبق امرأة بالمحلّة ولا مع السلطان.

وبتنا تلك الليلة على تعبئة فلمّا كان في اليوم الثاني رتّب السلطان عسكره أفواجا وجعل مع كلّ فوج الفيلة المدرّعة، عليها الأبراج فوقها المقاتلة وتدرّع العسكر وتهيّئوا للحرب،

<<  <  ج: ص:  >  >>