دهرا، وكان يغير هو وفرسانه ويسلكون براريّ لا يعرفها سواهم ويدفنون بها قرب الماء ورواياه، فإذا تبعهم عسكر السلطان دخلوا الصحراء واستخرجوا المياه ويرجع العسكر عنهم خوفا من الهلاك.
وأقام على هذه الحالة مدّة لا يقدر عليه ملك العراق ولا غيره ثم تاب وتعبّد حتى مات، وقبره يزار ببلاده. وسلكنا هذه الصحراء إلى أن وصلنا إلى كوراستان «١٣٣» ، وضبط اسمه بفتح الكاف واسكان الواو وراء، وهو بلد صغير فيه الأنهار والبساتين وهو شديد الحرّ، ثمّ سرنا منه ثلاثة أيام في صحراء مثل التي تقدّمت ووصلنا إلى مدينة لار «١٣٤» ، وآخر اسمها راء، مدينة كبيرة كثيرة العيون والمياه المطّردة والبساتين، ولها أسواق حسان، ونزلنا منها بزاوية الشيخ العابد أبي دلف محمّد «١٣٥» ، وهو الذي قصدنا زيارته بخنج بال، وبهذه الزاوية ولده أبو زيد عبد الرحمن، ومعه جماعة من الفقراء، ومن عادتهم أنهم يجتمعون بالزاوية بعد صلاة العصر من كل يوم، ثم يطوفون على دور المدينة فيعطاهم من كلّ دار الرغيف والرغيفان فيطعمون منها الوارد والصادر.
وأهل الدور قد ألفوا ذلك فهم يجعلونه في جملة قوتهم ويعدّونه لهم إعانة على إطعام الطعام، وفي كل ليلة جمعة يجتمع بهذه الزاوية فقراء المدينة وصلحاؤها ويأتي كلّ منهم بما تيسّر له من الدراهم فيجمعونها وينفقونها تلك الليلة، ويبيتون في عبادة من الصلاة والذكر والتلاوة وينصرفون بعد صلاة الصبح.
[ذكر سلطان لار]
وبهذه المدينة سلطان يسمى بجلال الدين، تركماني الأصل، بعث إلينا بضيافة ولم