للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبمدينة شيراز من كبار الفقهاء الشريف مجيد الدين وأمره في الكرم عجيب، وربّما جاد بكلّ ما عنده وبالثياب التي كانت عليه ويلبس مرقّعة له، فيدخل عليه كبراء المدينة فيجدونه على تلك الحال فيكسونه، مرتّبه في كل يوم من السلطان خمسون دينارا دراهم.

ثم كان خروجي من شيراز برسم زيارة قبر الشيخ الصالح أبي اسحاق الكازروني بكازرون وهي على مسيرة يومين من شيراز «١٥٩» ، فنزلنا أول يوم ببلاد الشّول، وهم طائفة من الاعاجم يسكنون البريّة وفيهم الصالحون.

[كرامة لبعضهم.]

كنت يوما ببعض المساجد بشيراز وقد قعدت أتلو كتاب الله عز وجل إثر صلاة الظهر فخطر بخاطري أنه لو كان لي مصحف كريم لتلوت فيه، فدخل عليّ في أثناء ذلك شابّ وقال لي بكلام قوّي: خذ! فرفعت رأسي إليه فألقى في حجري مصحفا كريما، وذهب عنّي فختمته ذلك اليوم قراءة، وانتظرته لا ردّه له فلم يعد إليّ، فسألت عنه، فقيل لي: ذلك بهلول الشّولى ولم أره بعد.

ووصلنا في عشىّ اليوم الثاني إلى كازرون فقصدنا زاوية الشيخ أبي اسحاق، «١٦٠» نفع الله به، وبتنا بها تلك الليلة، ومن عادتهم أن يطعموا الوارد كائنا من كان الهريسة «١٦١» المصنوعة من اللحم والقمح والسمن وتؤكل بالرقاق ولا يتركون الوارد عليهم للسّفر حتى يقيم في الضيافة ثلاثة أيام، ويعرض على الشيخ الذي بالزاوية حوائجه ويذكرها الشيخ للفقراء الملازمين للزاوية، وهم يزيدون على مائة منهم المتزوّجون، ومنهم الأعزب المتجرّدون، فيختمون القرآن ويذكرون الذكر، ويدعون له عند ضريح الشيخ أبي إسحاق فتقضى حاجته بإذن الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>