للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الشيخ أبو اسحاق معظم عند أهل الهند والصين، ومن عادة ركّاب بحر الصين أنهم إذا تغيّر عليهم الهواء وخافوا اللّصوص نذروا لأبي اسحاق نذورا وكتب كل منهم على نفسه ما نذره فإذا وصلوا برّ السلامة صعد خدّام الزاوية إلى المركب واخذوا الزمام وقبضوا من كل ناذر نذره، وما من مركب ياتي من الصين أو الهند إلا وفيه آلاف من الدّنانير فياتي الوكلاء من جهة خادم الزاوية فيقبضون ذلك، ومن الفقراء من ياتي طالبا صدقة الشيخ فيكتب له أمر بها، وفيه علامة الشيخ منقوشة في قالب من الفضّة، فيضعون القالب في صبغ أحمر ويلصقونه بالأمر فيبقى أثر الطابع فيه ويكون مضمّنه أنه من عنده نذر للشيخ أبي إسحاق فليعط منه لفلان، فيكون الأمر بالألف والمائة وما بين ذلك ودونه على قدر الفقير، فإذا وجد من عنده شيء من النذر قبض منه وكتب له رسما في ظهر الأمر بما قبضه.

ولقد نذر ملك الهند مرّة للشيخ أبي اسحاق بعشرة آلاف دينار فبلغ خبرها إلى فقراء الزاوية فأتى أحدهم إلى الهند وقبضها وانصرف بها إلى الزاوية.

ثم سافرنا من كازرون إلى مدينة الزّيدين «١٦٢» ، وسمّيت بذلك لان فيها قبر زيد بن ثابت وقبر زيد بن أرقم الانصاريّين صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما، ورضى الله عنهما، وهي مدينة حسنة كثيرة البساتين والمياه مليحة الاسواق عجيبة المساجد ولأهلها صلاح وأمانة وديانة، ومن أهلها القاضي نور الدين الزيداني، وكان ورد على أهل الهند، فولى القضاء منها بذيبة المهل «١٦٣» ، وهي جزائر كثيرة ملكها جلال الدين بن صلاح الدين صالح، وتزوج باخت هذا الملك، وسياتي ذكره، وذكر بنته خديجة التي تولت الملك بعده بهذه الجزائر، وبها توفى القاضي نور الدين المذكور.

ثم سافرنا منها إلى الحويزاء بالزاي «١٦٤» ، وهي مدينة صغيرة يسكنها العجم، بينها وبين البصرة مسيرة أربع، وبينها وبين الكوفة مسيرة خمس، ومن أهلها الشيخ الصالح

<<  <  ج: ص:  >  >>