كانت الأتراك المجاورون لمدينة هرات الساكنون بالصحراء وملكهم طغيتمور، الذي مر ذكره، وهم نحو خمسين ألفا يخافهم الملك حسين ويهدي لهم الهدايا في كلّ سنة ويداريهم وذلك قبل هزيمته للرّافضة، وأما بعد هزيمته للرافضة فتغلب عليهم، ومن عادة هؤلاء الأتراك التردّد إلى مدينة هرات، وربما شربوا بها الخمر وأتاهم بعضهم وهو سكران فكان نظام الدّين يحد من وجد منهم سكرانا.
وهؤلاء الأتراك أهل نجدة وبأس ولا يزالون يضربون على بلاد الهند فيسبون ويقتلون، وربما سبوا بعض المسلمات اللاتي يكنّ بأرض الهند ما بين الكفار، فإذا خرجوا بهنّ إلى خراسان يطلق نظام الدين المسلمات من أيدي التّرك، وعلامة النسوة المسلمات بأرض الهند ترك ثقب الأذن! والكافرات أذانهن مثقوبات، فاتفق مرة أن أميرا من أمراء الترك يسمّى تمور الطي سبى امرءة وكلف بها كلفا شديدا فذكرت أنها مسلمة، فانتزعها الفقيه من يده، فبلغ ذلك من التركي مبلغا عظيما وركب في آلاف من أصحابه وأغار على خيل هرات وهي في مراعاها بصحراء مرغيس واحتملوها فلم يتركوا لأهل هرات ما يركبون ولا يحلبون، وصعدوا بها إلى جبل هنالك، فبعث إليهم رسولا يطلب منهم ردّ ما أخذوه من الماشية والخيل ويذكّرهم العهد الذي بينهم، فأجابوا بأنهم لا يردّون ذلك حتى يمكّنوا من الفقيه نظام الدين، فقال السلطان: لا سبيل إلى هذا!! وكان الشيخ أبو أحمد الجشتي حفيد الشيخ مودود الجشتي «١١١» ، له بخراسان شأن عظيم وقوله معتبر لديهم، فركب في جماعة خيل من أصحابه ومماليكه، فقال: أنا أحمل الفقيه نظام الدين معي إلى الترك ليرضوا بذلك، ثم أردّه، فكأنّ الناس مالوا إلى قوله، ورأى الفقيه نظام الدين اتّفاقهم على ذلك فركب مع الشيخ أبي أحمد ووصل إلى الترك فقام إليه الأمير تمور الطي، وقال له: أنت أخذت امرأتي منّي، وضربه بدبوسه فكسر دماغه فخرّ ميّتا! فسقط في أيدي الشيخ أبي أحمد وانصرف من هنالك إلى بلده وردّ الترك ما كانوا أخذوه من الخيل والماشية!!