وبعد مدة قدم ذلك التركي الذي قتل الفقيه على مدينة هرات فلقيه جماعة من أصحاب الفقيه فتقدموا إليه كأنّهم مسلمون عليه وتحت ثيابهم السيوف فقتلوه وفرّ أصحابه!! ولما كان بعد هذا بعث الملك حسين ابن عمه ملك ورنا الذي كان رفيق الفقيه نظام الدين في تغيير المنكر رسولا إلى ملك سجستان «١١٢» فلما حصل بها بعث إليه أن يقيم هنالك ولا يعود إليه فقصد بلاد الهند ولقيته وأنا خارج منها بمدينة سيوستان من السند «١١٣» .
وهو أحد الفضلاء وفي طبعه حبّ الرياسة والصيد والبزاة والخيل والمماليك والأصحاب واللباس الملوكي الفاخر، ومن كان على هذا الترتيب فإنه لا يصلح حاله بأرض الهند، فكان من أمره أن ملك الهند ولّاه بلدا صغيرا وقتله به بعض أهل هرات المقيمين بالهند! بسبب جارية، وقيل إن ملك الهند دس عليه من قتله بسعي الملك حسين في ذلك ولأجله خدم الملك حسين ملك الهند وأعطاه مدينة بكّار «١١٤» من بلاد السند ومجباها خمسون ألفا من دنانير الذهب في كل سنة.
ولنعد إلى ما كنا بسبيله فنقول: سافرنا من هرات إلى مدينة الجام «١١٥» ، وهي متوسطة حسنة، ذات بساتين وأشجار وعيون كثيرة وأنهار، وأكثر شجرها التوت، والحرير بها كثير، وهي تنسب إلى الولي العابد الزاهد شهاب الدين أحمد الجام «١١٦» ، وسنذكر حكايته، وحفيده الشيخ أحمد المعروف بزاده الذي قتله ملك الهند، والمدينة الآن لأولاده، وهي محرّرة من قبل السلطان، ولهم بها نعمة وثروة.