فمنهم الشيخ الصالح العالم محمود الكبّا «٩٧» ، بالباء الموحدة، وهو من كبار الصالحين، والناس يزعمون أنه ينفق من الكون لأنه لا مال له ظاهرا، وهو يطعم الوارد والصادر ويعطي الذهب والدراهم والأثواب، وظهرت له كرامات كثيرة واشتهر بها، رأيته مرات كثيرة وحصلت لي بركته، ومنهم الشيخ الصالح العالم علاء الدين النّيلي «٩٨» ، كأنه منسوب إلى نيل مصر، والله أعلم، كان من أصحاب الشيخ العالم الصالح نظام الدين البذاوني، وهو يعظ الناس في يوم كل جمعة فيتوب كثير منهم بين يديه، ويحلقون رؤسهم ويتواجدون ويغشى على بعضهم.
[حكاية [قتيل خوف العذاب]]
شاهدته في بعض لأيام وهو يعظ، فقرأ القارئ بين يديه:«يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم إنّ زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهّل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد «٩٩» » ثم كررها الفقيه علاء الدين فصاح أحد الفقراء من ناحية المسجد صيحة عظيمة، فأعاد الشيخ الآية فصاح الفقير ثانية ووقع ميّتا! وكنت فيمن صلّى عليه وحضر جنازته.
ومنهم الشيخ الصالح العالم صدر الدين الكهراني «١٠٠» ، بضم الكاف وسكون الهاء وراء ونون، وكان يصوم الدّهر ويقوم الليل وتجرد عن الدنيا جميعا ونبذها، ولباسه عباءة، ويزوره السلطان وأهل الدولة، وربما احتجب عنهم فرغب السلطان منه أن يقطعه قرى يطعم منها الفقراء والواردين، فأبى ذلك، وزاره يوما وأتى إليه بعشرة آلاف دينار فلم يقبلها، وذكروا أنه لا يفطر إلا بعد ثلاث، وأنه قيل له في ذلك، فقال: لا أفطر حتى اضطرّ فتحلّ لي الميتة.