ثم يليه الملك نكبيه «٢٦» بمراتبه وعساكره، ثم يليه الملك بغرة بمراتبه وعساكره ثم يليه الملك مخلص بمراتبه وعساكره «٢٧» ، ثم يليه الملك قطب الملك بمراتبه وعساكره، وهؤلاء هم الأمراء الكبار الذين لا يفارقون السلطان وهم الذين يركبون معه يوم العيد بالمراتب، ويركب غيرهم من الأمراء دون مراتب.
وجميع من يركب في ذلك اليوم يكون مدرّعا هو وفرسه، وأكثرهم مماليك السلطان فإذا وصل السلطان إلى باب المصلى وقف على بابه وأمر بدخول القضاة وكبار الأمراء وكبار الأعزة، ثم نزل السلطان، ويصلي الإمام ويخطب فإن كان عيد الأضحى أتى السلطان بجمل فنحره برمح يسمونه النّيزة، بكسر النون وفتح الزاي، بعد أن يجعل على ثيابه فوطة حرير توقيا من الدم ثم يركب الفيل يعود إلى قصره.
[ذكر جلوسه يوم العيد وذكر المبخرة العظمى والسرير الأعظم]
ويفرش القصر يوم العيد ويزين بأبدع الزينة وتضرب الباركة «٢٨» على المشور كله، وهي خيمة عظيمة تقوم على أعمدة ضخام كثيرة وتحفها القباب من كل ناحية، ويصنع شبه أشجار من حرير ملون فيها شبه الأزهار، ويجعل منها ثلاثة صفوف بالمشور، ويجعل بين كل شجرتين كرسي ذهب عليه مرتبة مغطاة وينصب السرير الأعظم في صدر المشور، وهو من الذهب الخالص كله، مرصع القوائم بالجواهر، وطوله ثلاثة وعشرون شبرا وعرضه نحو النصف من ذلك، وهو منفصل وتجمع قطعه فتتصل، وكل قطعة منه يحملها جملة رجال لثقل الذهب وتجعل فوقه المرتبة ويرفع الشطر المرصع بالجواهر على رأس السلطان.
وعند ما يصعد على السرير ينادي الحجاب والنقباء بأصوات عالية: بسم الله، ثم يتقدم الناس للسلام، فأولهم القضاة والخطباء والعلماء والمشايخ وإخوة السلطان وأقاربه وأصهاره، ثم الأعزة، ثم الوزير ثم أمراء العساكر، ثم شيوخ المماليك، ثم كبار الأجناد، يسلم واحد إثر واحد من غير تزاحم ولا تدافع.
ومن عوائدهم في يوم العيد أن كل من بيده قرية منعم بها عليه يأتي بدنانير ذهب مصرورة في خرقة مكتوبا عليها اسمه فيلقيها في طست ذهب هنالك، فيجتمع منها مال عظيم يعطيه السلطان لمن شاء! فإذا فرغ الناس من السلام وضع لهم الطعام على حسب مراتبهم.