من دهلي، وأقام بها أيّاما، وكان ابن اخته شجاعا بطلا فاتّفق مع الأمراء الذين أتي بهم على قتل خاله والهروب بما عنده من الخزائن والأموال إلى الشريف القائم ببلاد المعبر، وعزموا على الفتك بالوزير عند خروجه إلى صلاة الجمعة فوشى بهم أحد من ادخلوه في أمرهم إلى الوزير، وكان يسمّى الملك نصرة الحاجب وأخبر الوزير أن آية ما يرومونه لبسهم الدروع تحت ثيابهم، فبعث الوزير عنهم فوجدهم كذلك فبعث بهم إلى السلطان.
وكنت بين يدي السلطان حين وصولهم «٢٧» فرأيت أحدهم وكان طوالا ألحى، وهو يرعد ويتلو سورة يس «٢٨» ، فأمر بهم فطرحوا للفيلة المعلّمة لقتل الناس، وأمر بابن اخت الوزير فردّ إلى خاله ليقتله، وسنذكر ذلك.
وتلك الفيلة التي تقتل الناس تكسى أنيابها حدائد مسنونة شبه سكك الحرث، لها أطراف كالسّكاكين، ويركب الفيّال على الفيل، فإذا رمى بالرجل بين يديه لفّ عليه خرطومه ورمى به إلى الهواء، ثمّ يتلقّفه بنابيه ويطرحه بعد ذلك بين يديه، ويجعل يده على صدره ويفعل به ما يأمره الفيّال على حسب ما أمره السلطان، فإن أمره بتقطيعه قطّعه الفيل قطعا بتلك الحدائد وان امره بتركه تركه مطروحا فسلخ، وكذلك فعل بهؤلاء! وخرجت من دار السلطان بعد المغرب فرأيت الكلاب تأكل لحومهم وقد ملئت جلودهم بالتبن، والعياذ بالله، ولمّا تجهّز السلطان لهذه الحركة أمرني بالإقامة بالحضرة، كما سنذكره ومضى في سفره إلى أن بلغ دولة آباد فثار الأمير هلاجون ببلاده «٢٩» ... ذلك وكان الوزير خواجة جهان قد بقى أيضا بالحضرة لحشد الحشود وجمع العساكر.
[ذكر ثورة هلاجون]
ولمّا بلغ السلطان إلى دولة آباد وبعد عن بلاده ثار الأمير هلاجون بمدينة لّاهور وادّعى الملك وساعده الأمير قلجند «٣٠» على ذلك وصيّره وزيرا له، واتّصل ذلك بالوزير خواجة جهان