مصورين من الرخام موضوعين على برجين هنالك، وفي أعناقهما سلسلتان من الحديد فيهما جرس كبير، فكان المظلوم يأتي ليلا فيحرّك الجرس فيسمعه السلطان وينظر في أمره للحين وينصفه «١٠» ! ولما توفي السلطان شمس الدين خلّف من الأولاد الذّكور ثلاثة وهم: ركن الدين الوالي بعده، ومعزّ الدين، وناصر الدين وبنتا تسمى رضية هي شقيقة معز الدين منهم فتولى بعده ركن الدين كما ذكرناه «١١» .
[ذكر السلطان ركن الدين بن السلطان شمس الدين.]
ولما بويع ركن الدين بعد موت أبيه افتتح أمره بالتعدّي على أخيه معزّ الدين فقتله «١٢» وكانت رضية شقيقته، فأنكرت ذلك عليه فأراد قتلها فلما كان في بعض أيام الجمع، فخرج ركن الدين إلى الصلاة «١٣» ، فصعدت رضية على سطح القصر القديم المجاور للجامع الأعظم، وهو يسمى دولة خانة ولبست عليها ثياب المظلومين، وتعرضت للناس وكلّمتهم من أعلى السطح وقالت لهم: إن أخي قتل أخاه، وهو يريد قتلي معه، وذكرتهم أيام أبيها وفعله الخير وإحسانه إليهم، فثاروا عند ذلك إلى السلطان ركن الدين وهو في المسجد، فقبضوا عليه وأتوا به إليها، فقالت لهم: القاتل يقتل، فقتلوه قصاصا بأخيه وكان أخوهما ناصر الدين صغيرا فاتّفق الناس على تولية رضية.
[ذكر السلطانة رضية]
ولما قتل ركن الدّين اجتمعت العساكر على تولية أخته رضية فولّوها الملك واستقلت فيه أربع سنين، وكانت تركب بالقوس والترگش والقربان «١٤» كما يركب الرجال ولا تستر وجهها،