ويخدمون لخدمته، ثم ينصرفون، وطعامهم مرتان في اليوم إحداهما قبل الظهر والأخرى بعد العصر.
[ذكر بعض أخباره في الجود والكرم]
وإنما أذكر منها ما حضرته وشاهدته وعاينته، ويعلم الله تعالى صدق ما أقول، وكفى به شهيدا مع أن الذي أحكيه مستفيض متواتر، والبلاد التي تقرب من أرض الهند كاليمن وخراسان وفارس مملوة بأخباره يعلمونها حقيقة ولا سيما جوده على الغرباء فإنه يفضلهم على أهل الهند، ويؤثرهم ويجزل لهم الإحسان ويسبغ عليهم الإنعام ويوليهم الخطط الرفيعة ويوليهم المواهب العظيمة، ومن إحسانه إليهم أن سماهم الأعزة ومنع من أن يدعون الغرباء وقال: إن الإنسان إذا دعى غريبا انكسر خاطره وتغير حاله وسأذكر بعضا مما يحصى «٣٧» من عطاياه الجزيلة ومواهبه إن شاء الله تعالى.
[ذكر عطائه لشهاب الدين الكازروني التاجر وحكايته]
كان شهاب الدين هذا صديقا لملك التجار الكازروني الملقب ببرويز، وكان السلطان قد اقطع ملك التجار مدينة كنباية، ووعده أن يوليه الوزارة فبعث إلى صديقه شهاب الدين ليقدم عليه، فأتاه، وأعدّ هدية للسلطان وهي سراجة من الملفّ المقطوع المزين بورقة الذهب، وصيوان مما يناسبها، وخباء وتابع، وخبا «٣٨» راحة، كل ذلك من الملف المزين وبغال كثيرة، فلما قدم شهاب الدين بهذه الهدية على صاحبه ملك التجار وجده آخذا في القدوم على الحضرة بما اجتمع عنده من مجابي بلاده وبهدية للسلطان.
وعلم الوزير خواجة جهان بما وعده به السلطان من ولاية الوزارة فغار من ذلك، وقلق بسببه، وكانت بلاد كنباية والجزرات قبل تلك المدة في ولاية الوزير، ولأهلها تعلق بجانبه وانقطاع إليه، وتخدّم له، وأكثرهم كفار وبعضهم عصاة يمتنعون بالجبال، فدس الوزير إليهم أن يضربوا على ملك التجار إذا خرج إلى الحضرة، فلما خرج بالخزائن والأموال ومعه شهاب الدين بهديته نزلوا يوما عند الضحى على عادتهم، وتفرقت العساكر، ونام أكثرهم فضرب عليهم الكفار في جمع عظيم، فقلتوا ملك التجار وسلبوا الأموال والخزائن وهدية