مما دوّنه ابن بطوطة الذي كان في صدر الذين أعطوا للإسلام بعدا دوليا فيما يتصل بعظمته وتسامحه ... »
[٢) ابن ودرار]
كان في أبرز ما لفت نظرنا من سيرته أنه الوزير الحصيف الذي أنصف ابن بطوطة وأرجع ابن خلدون إلى صوابه فيما يتعلق بمصداقية الرحلة.
كان أبو زيان فارس ابن ميمون ابن ودرار الحشمي «٢» قائدا موموقا لدى السلطان أبي الحسن، ومن هنا رشّحه للقيام بالسفارة عنه لدى الملك الناصر محمد بن قلاوون بمصر في أعقاب استرجاع السلطان أبي الحسن لملكه على تلمسان وبجاية عام ٧٣٧- ١٣٣٧، الأمر الذي ردّدت صداه ممالك إفريقيا على ما تؤكده كتب التاريخ.
وقد تضمنت الرسالة التي حملها ابن ودرار إلى العاهل المصري أخبارا جدّ هامة عن الحالة في الغرب الإسلامي «٣» .
ثم أصبح ابن ودرار وزيرا ملازما للسلطان أبي عنان بعد تمكنه من الحكم عوض أبيه، فكان السلطان يعهد إليه بالمهمات الجسام، وهكذا نجح عام ٧٥٣- ١٣٥٢، في المهمّة التي عهد بها إليه في معركة أنگاد ... كما نجح في تطويق حركة قامت جنوب المغرب عام ٧٥٤- ١٣٥٣ حيث أنشأ مدينة أسماها (القاهرة) أحكم بها الحصار على المتمردين هناك! وبعد أربع سنوات، أي في عام ٧٥٨- ١٣٥٧ عهد إليه بإخماد ثورة للحفصيين بتونس فجاءوا إليه مهطعين.
وهكذا بلغ ابن ودرار منزلة لم يبلغها أحد في الدولة، وهنا حصل ما يمكن أن يحصل عند ما يشعر القائد، أيّ قائد، بأنه أمسى في موقع" لا يمكن الاستغناء عنه فيه"، بل وبأنّ في استطاعته أن يصبح الرقم الواحد في الدّولة!. ولم يكن السلطان أبو عنان من الملوك الذين تغيب عنهم" الهواجس"، وهكذا فما لبث الوزير أن فوجيء بمداهمة بيته والإجهاز عليه والناس يحتفلون بعيد الأضحى من عام ٧٥٨ (أواخر نونبر ١٣٥٧)«٤»