ومنهم الصالح العابد عز الدين الواسطي من أصحاب الأموال الطائلة يحمل إليه من بلده المال الكثير في كل سنة فيبتاع الحبوب والتمر ويفرقها على الضعفاء والمساكين ويتولى حملها إلى بيوتهم بنفسه ولم يزل ذلك دأبه إلى توفى.
ومنهم الفقيه الصالح الزاهد أبو الحسن علي بن رزق الله الأنجري من أهل نظر طنجة من كبار الصالحين جاور بمكة أعواما وبها وفاته، كانت بينه وبين والدي صحبة قديمة، ومتى أتى بلدنا طنجة نزل عندنا، وكان له بيت بالمدرسة المظفرية يعلم العلم فيها نهارا ويأوي بالليل إلى مسكنه برباط ربيع، وهو من أحسن الرباطات بمكة، بداخله بئر عذبة لا تماثلها بئر بمكة وسكانه الصالحون وأهل ديار الحجاز يعظمون هذا الرباط تعظيما شديدا، وينذرون له النذور، وأهل الطائف يأتونه بالفواكه، ومن عادتهم أن كل من له بستان من النخيل والعنب والفرسك «١٩٦» وهو الخوخ، والتين وهم يسمونه الخمط يخرج منه العشر لهذا الرباط، ويوصلون ذلك إليه على جمالهم، ومسيرة ما بين مكة والطائف يومان، ومن لم يف بذلك نقصت فواكهه في السنة الآتية وأصابتها الجوايح.
[حكاية في فضله]
أتى يوما غلمان الأمير أبي نمى صاحب مكة إلى هذا الرباط ودخلوا بخيل الأمير، وسقوها من تلك البئر، فلما عادوا بالخيل إلى مرابطها أصابتها الأوجاع وضربت بأنفسها الأرض وبرءوسها وأرجلها، واتصل الخبر بالأمير أبي نمى فأتي باب الرباط بنفسه واعتذار إلى المساكين به واستصحب واحدا منهم فمسح على بطون الدواب بيده فأراقت ما كان في أجوافها من ذلك الماء وبرئت مما أصابها، ولم يتعرضوا بعدها للرباط إلا بالخير.
ومنهم الصالح المبارك أبو العباس الغماري من أصحاب أبي الحسن بن رزق الله وسكن رباط ربيع، ووفاته بمكة شرفها الله، ومنهم الصالح أبو يعقوب يوسف من بادية سبتة كان خديما للشيخين المذكورين فلما توفيا صار شيخ الرباط بعدهما، ومنهم الصالح