أكن شربت القمزّ قبلها، ولا كن لم يمكنني إلّا قبوله! وذقته ولا خير فيه، ودفعته لأحد أصحابي، وسألتني عن كثير من حال سفرنا، فأجبناها، ثم انصرفنا عنها، وكان ابتداؤنا بها لأجل عظمتها عند الملك!
[ذكر الخاتون الثانية التي تلي الملكة]
واسمها كبك خاتون، بفتح الكاف الأولى وفتح الباء الموحدة، ومعناه بالتركية النّخالة، وهي بنت الأمير نغطى، واسمه بنون وغين معجمة وطاء مهملة مفتوحات وياء مسكنة، وأبوها حيّ مبتلى بعلة النّقرس، وقد رأيته، وفي غد دخولنا على الملكة دخلنا على هذه الخاتون فوجدناها على مرتبة تقرأ في المصحف الكريم وبين يديها نحو عشر من النساء القواعد ونحو عشرين من البنات يطرّزن ثيابا فسلّمنا عليها وأحسنت في السلام والكلام، وقرأ قارئنا فاستحسنته، وأمرت بالقمز فأحضر وناولتني القدح بيدها كمثل ما فعلته الملكة وانصرفنا عنها.
[ذكر الخاتون الثالثة]
واسمها بيلون بباء موحدة وياء آخر الحروف كلاهما مفتوح ولام مضموم وواو ومدّ ونون، وهي بنت ملك القسطنطينية العظمى السلطان تكفور «٤٦» ودخلنا على هذه الخاتون وهي قاعدة على سرير مرصّع وقوائمه فضّة وبين يديها نحو مائة جارية: روميّات وتركيّات ونوبيّات، منهن قائمات وقاعدات، والفتيان على رأسها، والحجّاب بين يديها من رجال الروم، فسألت عن حالنا ومقدمنا وبعد أوطاننا، وبكت ومسحت وجهها بمنديل كان بين يديها رقّة