الصالح محمد بن البرهان، زاهد ورع مبتلى بالوسواس، ورأيته يوما يتوضأ من بركة المدرسة المظفرية فيغسل ويكرر، ولما مسح رأسه أعاد مسحه مرات، ثم لم يقنعه ذلك فغطس رأسه في البركة! وكان إذا أراد الصلاة ربما صلّى الإمام الشافعيّ وهو يقول نويت نويت فيصلي مع غيره! وكان كثير الطواف والاعتمار والذكر.
[ذكر بعض المجاورين بمكة]
فمنهم الامام العالم الصالح الصوفي المحقق العابد عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليمني الشافعي الشهير باليافعي، كثير الطواف اناء الليل وأطراف النهار، وكان إذا طاف من الليل يصعد إلى سطح المدرسة المظفرية فيقعد مشاهدا للكعبة الشريفة إلى أن يغلبه النوم فيجعل تحت رأسه حجرا وينام يسيرا ثم يجدّد الوضوء ويعود لحاله من الطواف حتى يصلي الصبح، وكان متزوجا ببنت الفقيه العابد شهاب الدين بن البرهان وكانت صغيرة السن، فلا تزال تشكو إلى أبيها حالها فيأمرها بالصبر فأقامت معه على ذلك سنين ثم فارقته.
ومنهم الصالح العابد نجم الدين الأصفونيّ كان قاضيا ببلاد الصّعيد فانقطع إلى الله تعالى وجاور بالحرم الشريف وكان يعتمر في كلّ يوم من التنعيم في رمضان مرتين في اليوم اعتمادا على ما في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليما أنه قال: عمرة في رمضان تعدل حجة معي.
ومنهم الشيخ الصالح العابد شمس الدين محمد الحلبي كثير الطواف والتلاوة، من قدماء المجاورين مات بمكة شرفها الله، ومنهم الصالح أبو بكر الشيرازي المعروف بالصامت كثير الطواف، أقام بمكة أعواما لا يتكلم فيها، ومنهم الصالح خضر العجمي كثير الصوم والتلاوة والطواف، ومنهم الشيخ الصالح برهان الدين العجمي الواعظ كان ينصب له كرسي تجاه الكعبة الشريفة فيعظ الناس ويذكرهم بلسان فصيح وقلب خاشع يأخذ بمجامع القلوب.
ومنهم الصالح المجوّد برهان الدين إبراهيم المصري مقرئ مجيد ساكن رباط السدرة ويقصده أهل مصر والشام بصدقاتهم، ويعلّم الايتام كتاب الله تعالى ويقوم بمئونتهم ويكسوهم.