خطيبا مستقبل المقام، فإذا فرغ من ذلك عاد الأئمة إلى صلاتهم وانفضّ الجمع ثم يكون الختم ليلة تسع وعشرين في المقام المالكي في منظر مختصر، وعن المباهاة منزّه موقر، فيختم ويخطب.
[ذكر عادتهم في شوال]
وعادتهم في شوال، وهو مفتتح أشهر الحج المعلومات أن يوقدوا المشاعل ليلة استهلاله ويسرجون المصابيح والشمع على نحو فعلهم في ليلة سبع وعشرين من رمضان، وتوقد السرج في الصوامع من جميع جهاتها، ويوقد سطح الحرم كله وسطح المسجد الذي بأعلى أبى قبيس، ويقيم المؤذنون ليلتهم تلك في تهليل وتكبير وتسبيح، والناس ما بين طواف وصلاة وذكر ودعاء، فإذا صلّوا صلاة الصبح، أخذوا في أهبة العيد ولبسوا أحسن ثيابهم، وبادروا لأخذ مجالسهم بالحرم الشريف، وبه يصلون صلاة العيد لأنه لا موضع أفضل منه.
ويكون أول من يكبر للمسجد الشّيبيون فيفتحون باب الكعبة المقدسة ويقعد كبيرهم في عتبتها وسائرهم بين يديه، إلى أن يأتي أمير مكة فيتلقونه ويطوف بالبيت أسبوعا والمؤذن الزمزمي فوق سطح قبة زمزم على العادة رفعا صوته بالثناء عليه والدعاء له ولأخيه كما ذكر، ثم يأتي الخطيب بين الرايتين السوداوين، والفرقعة أمامه، وهو لابس السواد فيصلي خلف المقام الكريم، ثم يصعد المنبر ويخطب خطبة بليغة، ثم إذا فرغ منها أقبل الناس بعضهم على بعض بالسلام والمصافحة والاستغفار، ويقصدون الكعبة الشريفة فيدخلونها أفواجا ثم يخرجون إلى مقبرة باب المعلّى تبركا بمن فيها من الصحابة وصدور السلف ثم ينصرفون.
[ذكر إحرام الكعبة]
وفي اليوم السّابع والعشرين من شهر ذي القعدة تشمّر أستار الكعبة الشريفة، زادها الله تعظيما، إلى نحو ارتفاع قامة ونصف من جهاتها الأربع صونا لها من الأيدي أن تنتهبها ويسمون ذلك إحرام الكعبة، وهو يوم مشهود بالحرم الشريف ولا تفتح الكعبة المقدسة من ذلك اليوم حتى تنقضي الوقفة بعرفة.