فرددت عليها السلام، ولم أقف معها ولا التفت إليها، فلما خرجت أدركني بعض الناس، وقال لي: إن المرأة التي سلمت عليك هي الخاتون، فخجلت عند ذلك وأردت الرجوع إليها فوجدتها قد انصرفت فأبلغت إليها السلام مع بعض خدّامها واعتذرت عما كان منّى لعدم معرفتي لها!
[ذكر بطيخ خوارزم]
وبطيخ خوارزم لا نظير له في بلاد الدنيا شرقا ولا غربا إلا ما كان من بطيخ بخاري، يليه بطيخ إصفهان، وقشره أخضر، وباطنه أحمر، وهو صادق الحلاوة، وفيه صلابة.
ومن العجائب أنّه يقدّد وييبس في الشمس ويجعل في القواصر كما يصنع عندنا بالشّريحة والتّين المالقي «١٩» ، ويحمل من خوارزم إلى أقصى بلاد الهند والصين، وليس في جميع الفواكه اليابسة أطيب منه! وكنت أيام إقامتي بدهلي من الهند متى قدم المسافرون بعثت من يشتري لي منهم قديد البطيخ، وكان ملك الهند إذا أوتي إليه بشيء منه بعث إليّ به لما يعلم من محبّتي فيه، ومن عادته أنه يطرف الغرباء بفواكه بلادهم ويتفقدهم بذلك.
[حكاية [التاجر الكريم]]
كان قد صحبني من مدينة السّرا إلى خوارزم شريف من أهل كربلاء يسمى علي بن منصور، وكان من التجار فكنت أكلّفه أن يشتري لي الثياب وسواها، فكان يشتري لي الثوب بعشرة دنانير ويقول اشتريته بثمانية، ويحاسبني بالثمانية ويدفع الدينارين من ماله وأنا لا علم لي بفعله إلى أن تعرفت ذلك على ألسنة الناس، وكان مع ذلك قد أسلفني دنانير فلمّا وصل إليّ إحسان أمير خوارزم رددت إليه ما أسلفنيه، وأردت أن أحسن بعده إليه مكافأة لأفعاله الحسنة، فأبى ذلك وحلف أن لا يفعل، وأردت أن أحسن إلى فتى كان له اسمه كافور فحلف أن لا أفعل، وكان أكرم من لقيته من العراقيين.
وعزم على السفر معي إلى بلاد الهند ثم إن جماعة من أهل بلده وصلوا إلى خوارزم برسم السفر إلى الصين فأخذ في السفر معهم، فقلت له في ذلك، فقال: هؤلاء أهل بلدي