ثم إنها اتّهمت بعبد لها من الحبشة «١٥» ، فاتفق الناس على خلعها وتزويجها، فخلعت وزوجت من بعض أقاربها وولى الملك أخوها ناصر الدين «١٦» .
ذكر السلطان ناصر الدين بن السلطان شمس الدّين.
ولما خلعت رضية ولّي ناصر الدين أخوها الأصغر، واستقلّ بالملك مدة، ثم إن رضية وزوجها خالفا عليه «١٧» ، وركبا في مماليكهما ومن تبعهما من أهل الفساد وتهيأ لقتاله، وخرج ناصر الدين ومعه مملوكه النائب عنه غياث الدين بلبن متولّى الملك بعده فوقع اللقاء وانهزم عسكر رضية وفرت بنفسها فأدركها الجوع وأجهدها الإعياء، فقصدت حرّاثا رأته يحرث الأرض، فطلبت منه ما تأكله فأعطاها كسرة خبز فأكلتها وغلب عليها النوم، وكانت في زي الرّجال، فلما نامت نظر إليها الحراث وهي نائمة فرأى تحت ثيابها قباء مرصّعا، فعلم أنها امرأة فقتلها، وسلبها وطرد فرسها ودفنها في فدّانه، وأخذ بعض ثيابها فذهب إلى السوق يبيعها، فأنكر أهل السوق شأنه وأتوا به الشّحنة «١٨» ، وهو الحاكم، فضربه، فأقرّ بقتلها، ودلّهم على مدفنها فاستخرجوها وغسلوها وكفّنوها، ودفنت هنالك، وبنيّ عليها قبّة، وقبرها الآن يزار ويتبرك به وهو على شاطئ النهر الكبير المعروف بنهر الجون «١٩» على مسافة فرسخ واحد من المدينة.
واستقل ناصر الدّين بالملك بعدها واستقام له الأمر عشرين سنة وكان ملكا صالحا،