شكى الأرمن مرة إلى الملك الناصر بالأمير حسام الدين وزوّروا عليه أمورا لا تليق فنفّذ أمره لأمير الأمراء بحلب أن يخنقه فلما توجه الأمير بلغ ذلك صديقا له من كبار الأمراء فدخل على الملك الناصر، وقال ياخوند! إن الأمير حسام الدين هو من خيار الأمراء ينصح للمسلمين ويحفظ الطريق، وهو من الشجعان، والأرمن يريدون الفساد في بلاد المسلمين فيمنعهم ويقهرهم، وإنما أرادوا إضعاف شوكة المسلمين بقتله، ولم يزل به حتى أنفذ أمرا ثانيا بسراحه والخلع عليه ورده لموضعه، ودعا الملك الناصر بريديا يعرف بالاقوش، وكان لا يبعث إلا في مهم، وأمره بالاسراع والجد في السير فسار من مصر إلى حلب في خمس وهي مسيرة شهر فوجد أمير حلب قد أحضر حسام الدين وأخرجه إلى الموضع الذي يخنق به الناس فخلصه الله تعالى وعاد إلى موضعه.
ولقيت هذا الأمير ومعه قاضي بغراس شرف الدين الحموي بموضع يقال له العمق «١٢٢» متوسط بين أنطاكية وتيزين وبغراس، ينزله التركمان بمواشيهم لخصبه وسعته.
ثم سافرت إلى حصن القصير «١٢٣» ، تصغير قصر، وهو حصن حسن، أميره علاء الدين الكردي، وقاضيه شهاب الدين الأرمنتي، من أهل الديار المصرية.
ثم سافرت إلى حصن الشّغر بكاس «١٢٤» ، وضبط اسمه بضم الشين المعجم وإسكان الغين المعجم وضم الراء والباء الموحدة وآخره سين مهمل، وهو منيع في رأس شاهق أميره سيف الدين الطّنطاش، فاضل، وقاضيه جمال الدين بن شجرة من أصحاب بن التيمية.