ثم سافرت إلى مدينة صهيون «١٢٥» وهي حسنة، بها الأنهار المطردة، والأشجار المورقة، ولها قلعة جيّدة، وأميرها يعرف بالإبراهيمي، وقاضيها محي الدين الحمصي، وبخارجها زاوية في وسط بستان، فيها الطعام للوارد والصادر، وهي على قبر الصالح العابد عيسى البدوي رحمه الله وقد زرت قبره.
وسافرت منها فمررت بحصن القدموس، وضبط اسمه بفتح القاف وإسكان الدال المهمل وضم الميم وآخره سين مهمل، ثم بحصن المينقة، وضبط اسمه بفتح الميم وإسكان الياء وفتح النون والقاف، ثم بحصن العلّيقة، واسمه على لفظ واحدة العلّيق، ثم بحصن مصياف، وصاده مهملة، ثم بحصن الكهف «١٢٦» ، وهذه الحصون لطائفة يقال لهم الإسماعيلية ويقال لهم الفداويّة «١٢٧» ولا يدخل عليهم أحد من غيرهم، وهم سهام الملك الناصر بهم يصيب من يعدو عنه من أعدائه بالعراق وغيرها، ولهم المرتّبات، وإذا أراد السلطان أن يبعث أحدهم إلى اغتيال عدوّ له أعطاه ديته، فإن سلم بعد تأتّي ما يراد منه فهي له، وإن أصيب فهي لولده، ولهم سكاكين مسمومة يضربون بها من بعثوا إلى قتله، وربما لم تصح حيلتهم فقتلوا كما جرى لهم مع الأمير قرا سنقور «١٢٨» ، فإنه لما هرب إلى العراق بعث اليه الملك الناصر جملة منهم فقتلوا! ولم يقدروا عليه لأخذه بالحزم.