وهو بدهلي، فحشد الناس وجمع العساكر وجمع الخراسانيّين وكلّ من كان مقيما من الخدّام بدهلي أخذ أصحابه وأخذ في الجملة أصحابي لأنّي كنت بها مقيما، وأعانه السلطان بأميرين كبيرين أحدهما قيران ملك صفّدار، ومعناه مرتّب العساكر، والثاني الملك تمور الشّربدار، وهو الساقي، وخرج هلاجون بعساكر فكان اللقاء على ضفّة أحد الأودية الكبار (٣٠) ، فانهزم هلاجون، وهرب وغرق كثير من عسكره في النهر، ودخل الوزير المدينة فسلخ بعض أهلها وقتل آخرين بغير ذلك من أنواع القتل، وكان الذي تولّى قتلهم محمّد بن النّجيب نائب الوزير، وهو المعروف بأجدر ملك، ويسمّى أيضا صكّ السلطان، والصك عندهم الكلب وكان ظالما قاسي القلب ويسمّيه السلطان أسد الأسواق، وكان ربّما عضّ أرباب الجنايات بأسنانه شرها وعدوانا، وبعث الوزير من نساء المخالفين نحو ثلاثماية إلى حصن كاليور «٣١» فسجنّ به ورأيت بعضهن هنالك، وكان أحد الفقهاء له فيهنّ زوجة فكان يدخل اليها حتّى ولدت منه في السجن!
[ذكر وقوع الوباء في عسكر السلطان]
ولمّا وصل السلطان إلى بلاد التّلنك وهو قاصد إلى قتال الشريف ببلاد المعبر نزل مدينة بدركوت، وضبط اسمها بفتح الباء الموحدة وسكون الدال وفتح الراء وضمّ الكاف وواو وتاء معلوّة، وهي قاعدة بلاد التّلنك، وضبطها بكسر التاء المعلوّة واللام وسكون النون وكاف معقودة، وبينها وبين بلاد المعبر مسيرة ثلاثة أشهر، ووقع الوباء «٣٢» اذ ذاك في عسكره فهلك معظمهم ومات العبيد، والمماليك وكبار الأمراء مثل ملك دولة شاه الذي كان السلطان يخاطبه بالعمّ ومثل أمير عبد الله الهرويّ، وقد تقدّمت حكايته في السفر الأول «٣٣» ، وهو الذي أمره السلطان أن يرفع من الخزانة ما استطاع من المال فربط ثلاث عشرة خريطة باعضاده ورفعها، ولمّا رأى السلطان ما حلّ بالعسكر عاد إلى دولة آباد وخالفت البلاد وانتقضت الأطراف، وكاد الملك يخرج عن يده لولا ما سبق به القدر من استحكام سعادته.
[ذكر الإرجاف بموته وفرار الملك هوشنج]
ولمّا عاد السلطان إلى دولة آباد مرض في طريقه فأرجف الناس بموته وشاع ذلك