[ذكر تذلل السودان لملكهم وتتريبهم له وغير ذلك من أحوالهم.]
والسودان أعظم الناس تواضعا لملكهم وأشدّهم تذللا، ويحلفون باسمه فيقولون:
منسى سليمان كي «٧٧» ، فإذا دعا بأحدهم عند جلوسه بالقبّة التي ذكرناها نزع المدعو ثيابه، ولبس ثيابا خلقة ونزع عمامته وجعل شاشية وسخة ودخل رافعا ثيابه وسراويله إلى نصف ساقه وتقدم بذلّة ومسكنة وضرب الارض بمرفقيه ضربا شديدا ووقف كالراكع يسمع كلامه! وإذا كلّم أحدهم السلطان فردّ عليه جوابه كشف ثيابه عن ظهره ورمى بالتراب على رأسه وظهره كما يفعل المغتسل بالماء، وكنت أعجب منهم كيف لا تعمى أعينهم! وإذا تكلّم السلطان في مجلسه بكلام وضع الحاضرون عمائمهم عن رؤوسهم وأنصتوا للكلام، وربّما قام أحدهم بين يديه فيذكر أفعاله في خدمته، ويقول: فعلت كذا يوم كذا، وقتلت كذا يوم كذا، فيصدّقه من علم ذلك، وتصديقهم أن ينزع أحدهم في وتر قوسه! ثم يرسلها كما يفعل إذا رمى «٧٨» ، فإذا قال له السلطان: صدقت أو شكره، نزع ثيابه وترّب، وذلك عندهم من الأب.
قال ابن جزي: وأخبرني صاحب العلامة «٧٩» الفقيه أبو القاسم بن رضوان أعزه الله أنه لما قدم الحاج موسى الونجراتي رسولا عن منسي سليمان «٨٠» إلى مولانا أبي الحسن