عن المجلس العلمي المشار إليه في ٣٤٢ IV نذكر ما يلي نقلا عن شرح الموقت الجاديري (ت ٨٣٩) لبردة البوصيري.
وقد تعمدنا ايراد هذا الملحق لأنه يعطي صورة عن الحياة الفكرية بفاس على عهد السلطان أبي عنان، ثم هو يقدم لنا نخبة من العلماء الذين تعددت اختصاصاتهم وتنوعت حقول معارفهم بين فقيه وقاض وأديب وخطيب وموقت ومفتي وفيلسوف ودبلوماسي وسياسي ومهندس ورياضي ومقرئ ومتصوف وموثق ومؤرخ، ومعبّر للرؤيا! علاوة على الرحّالة ابن بطوطة ... إنه مجمع علمي حافل:
وهذا الشرح إنما هو مختصر لما ورد في الشرح الحافل لبردة البوصيري الذي ألفه الأمير أبو الوليد إسماعيل ابن الأحمر المتوفى بفاس سنة ٨٠٧ هـ.
قال البوصيري:
لعلّ رحمة ربي حين يقسمها ... تأتي على حسب العصيان في القسم
لعلّ: كلمة ترج، قال الجوهري: وأصلها عل، واللام في أولها زائدة. قال المرادي:
ولعل للترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه، ولا يكون إلا في الممكن ولا تكون للتعليل ولا للاستفهام ولا للشك عند البصريين خلافا لمن قال بذلك، وليست مركبة على الأصح، والرحمة:
الرقة والتعطف، يقال رحمة ومرحمة، والحين: الوقت، ويقسمها: يهبها. وتأتي: تجيء على حسب على مقدار، والعصيان: ضد الطاعة، والقسم: الحظ والنصيب. معناه: رجا الشيخ رحمه الله من الله تعالى أن تكون رحمته شاملة مستوعبة لجميع المعاصي حين قسمه إياها، وذلك لما جاء في الحديث النبوي: إن الله تعالى يقول:" لو أتاني ابن آدم بقراب ملء الأرض ذنوبا لآتيته بقراب ملء الأرض رحمة.
قال شيخنا أبو الوليد: وقد وقع الكلام بين يدي السلطان أمير المؤمنين أبي عنان فارس بن السلطان أبي الحسن بن السلطان أبي سعيد عثمان بن السلطان أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني ملك المغرب من مقعد ملكه من المدينة البيضاء من حضرة فاس، بمحضر الفقهاء والعلماء والأساتيذ والقضاة والشرفاء والخطباء وأصحاب العلوم، منهم:
١- الفقيه الإمام المفتي القاضي الخطيب أبو عبد الله محمد بن محمد القرشي التلمساني المقري بمفتح الميم.
٢- وشيخنا الإمام الفقيه المدرك المفتي القاضي الخطيب أبو عبد الله محمد بن الفقيه