قصدت المنار «٦» في هذه الوجهة فرأيت أحد جوانبه متهدما، وصفته أنه بناء مربع «٧» ذاهب في الهواء وبابه مرتفع على الأرض وإزاء بابه بناء بقدر ارتفاعه ووضعت بينهما ألواح خشب يعبر عليها إلى بابه، فإذا أزيلت لم يكن له سبيل، وداخل الباب موضع لجلوس حارس المنار، وداخل المنار بيوت كثيرة وعرض الممر بداخله تسعة أشبار «٨» وعرض الحائط عشرة أشبار وعرض المنار من كل جهة من جهاته الأربع مائة وأربعون شبرا، وهو على تلّ مرتفع، ومسافة ما بينه وبين المدينة فرسخ «٩» واحد في بر مستطيل يحيط به البحر من ثلاث جهات إلى أن يتصل البحر بسور البلد فلا يمكن التوصل إلى المنار في البر إلا من المدينة، وفي هذا البر المتصل بالمنار مقبرة الإسكندرية.
وقصدت المنار عند عودتي إلى بلاد المغرب عام خمسين وسبعمائة «١٠» فوجدته قد استولى عليه الخراب بحيث لا يمكن دخوله ولا الصعود إلى بابه، وكان الملك الناصر «١١» رحمه الله قد شرع في بناء منار مثله بإزائه عاقه الموت عن إتمامه.