سيكفينا هذا الرجل أمر التعريف بنفسه من خلال ما حكاه هو عن سيرته الذاتية.
وهكذا فإننا لا نجد عنه شيئا سوى ما ورد عن لسان الدين ابن الخطيب (ت ٧٧٦- ١٣٧٥ ١٣٧٤) في الإحاطة من معلومات جدّ محدودة، على خلاف صنيعه مع ابن جبير الذي ينتمي لبلدته والذي خصص له لسان الدّين عشر صفحات كاملة!! وسوى ما ورد عن ابن خلدون (ت ٨٠٨- ١٤٠٥- ٠٦) في مقدمته، وما ورد عن ابن حجر (ت ٨٥٢- ١٤٤٨) في الدرر الكامنة من معلومات أضافت بعض العناصر المفيدة على نحو ما قرأناه عن التمجروتي عام ٩٩٧- ١٥٨٩ في" النفحة المسكية"، والمقري (ت ١٠٤١- ١٦٣٢) في" نفح الطيب ... "
لكن ما دوّنه في رحلته كان كافيّا وحده ليعطي فكرة مدققة عن الرجل من نشأته بطنجة إلى أن استقبله بفاس السلطان أبو عنان، وإلى أن صحب ركبه وهو عائد من مراكش يحتمل شلو أبيه ... فكرة مدققة عن صفاته، عن شخصيته، عن إبائه، عن حالته الاجتماعية.
وتبقى بعد هذا نحو ثلاث عشر سنة من حياة الرجل ظلت تفاصيلها غائبة عنا لم نعرف عنها شيئا، عن أهله وعن نسله سوى أنه يزاول القضاء في إقليم تامسنا الذي يعتبر من أوسع وأغنى الأقاليم المغربية في مملكة فاس «٩» ... لقد خفت صوته باختفاء وليّ نعمته السلطان أبي عنان.
وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللّواتي الطنجي الملقب في المشرق بشمس الدّين والمكنّى عندي بأبي أحمد لوجود ولد له يحمل هذا الاسم «١٠» ... ومعلوم أن (لواتة) قبيلة واسعة الانتشار في مصر يؤكد المقريزي أنها عربية «١١» .
ولد بطنجة يوم الاثنين ١٧ رجب ٧٠٣- ٢٤ يبراير ١٣٠٤، ويبدو أن الأسرة تنسب إلى سيدة كانت تحمل اسم فاطمة: عادة معروفة من قديم تنسب الناس إلى أمهاتهم، وتتحول فاطمة في المشرق- تدلّلا- إلى بطة، ونحن نعرف عن ابن بطة العكبرى (ت ٣٨٧) ، وتمسي بطّة في المغرب بطّوطة كسفّودة على ما في تاج العروس للزّبيدى (فصل الباء من باب الطاء) .
وبيت ابن بطوطة معروف على أنه بيت علم وقضاء ... ونعرف أن طنجة نفسها كانت