مرفأ دوليا هاما يتوفر على كلّ مقومات الحضارة. وقد عرفنا عن استقبالها للشعراء أمثال أبي الحسن الحصرى صاحب القصيدة التي مطلعها:«ياليل الصبّ متى غده» كما عرفنا عن ابن سمجون اللواتي الطنجي الذي رحل إلى المشرق وعاد لطنجة ومات بها، وقد وقفنا في البرتغال على نص ملكية لبعض مخطوطات (قضاة قرطبة للخشني) : وهو هكذا" ملكه محمد بن محمد بن عبد الرحمن اللّواتي الشهير في طنجة بابن بطوطة" وسنقرأ حديث ابن بطوطة، وهو في رندة، عن ابن عمه أبي القاسم محمد بن يحيى قاضي المدينة ... كما نعرف عن أسرة البطوطي التي وضع أحد أفرادها بفاس قطعة أسطرلاب فائقة الدقة «١٢» .
وبعد عودة ابن بطوطة إلى المغرب، وبعد إفلاته من اشاعة" تناجي" بعض المعاصرين حوله على ما أشرنا أمسى من جلساء السلطان أبي عنان الذي أصدر أمرا لكاتبه ابن جزيّ بتدوين رحلة ابن بطّوطة. قبل أن يتقلد هذا الأخير منصب قاضي إقليم تامسنا.
وقد وجدنا في (نفاضة الجراب) للسان الدين ابن الخطيب رسالة موجّهة من هذا إلى القاضي ابن بطوطة. وكان ابن الخطيب قرّر عند ما التجأ إلى المغرب عام ٧٦٠- ١٣٥٩ أن يستثمر أمواله في منطقة نفوذ ابن بطوطة، وكانت تامسنا تابعة لمملكة فاس على ما يقوله الحسن ابن الوزان «١٣» .
وإذا كان مترجموه أهملوا الحديث عن ظروف وفاته، فإن الحافظ ابن حجر سالف الذكر في" الدرر الكامنة"(٤، ١٠٠) يفيد أن ابن بطوطة بقي إلى سنة سبعين وأدركته وفاته وهو متول للقضاء يعني حتى عهد السلطان عبد العزيز بن أبي الحسن أخى السلطان أبي عنان مما يعني أنّ أجله أدركه بتامسنا التي كانت عاصمتها انذاك أنفا وليس بفاس ولا بطنجة «١٤» ...
ولله در مولانا جلال الدّين الرومي (٦٧٢- ١٢٧٣) عند ما يقول:" حينما نموت لا تبحثوا عن قبورنا في التّراب ولكن ابحثوا عنا في قلوب الناس!! " لقد كان رحله دائما على استعداد، وهو لا يفتأ متنقلا باحثا عما يضمن له الزاد في