وكان السلطان أبو إسحاق طمح ذات مرّة إلى بناء ايوان كإيوان كسرى «١٤٤» ، وأمر اهل شيراز أن يتولّوا حفر أساسه فأخذوا في ذلك وكان أهل كلّ صناعة يباهون كلّ من عداهم فانتهوا في المباهاة إلى أن صنعوا القفاف لنقل التراب من الجلد، وكسوها ثياب الحرير المزركش وفعلوا نحو ذلك في برادع الدوّاب وأخراجها وصنع بعضهم الفؤوس من الفضّة، وأوقدوا الشمع الكثير وكانوا حين الحفر يلبسون أجمل ثيابهم ويربطون فوط الحرير على أوساطهم، والسلطان يشاهد أفعالهم في منظرة له، وقد شاهدت هذا المبنى وقد ارتفع عن الأرض نحو ثلاثة أذرع، ولمّا بني أساسه رفع عن أهل المدينة التخديم فيه وصارت الفعلة تخدم فيه بالأجرة، ويحشر لذلك آلاف منهم وسمعت والي المدينة يقول: إن معظم مجباها ينفق في ذلك البناء، وقد كان الموكّل به الأمير جلال الدين بن الفلكي التّوريزي، وهو من الكبار، كان أبوه نائبا عن وزير السلطان أبي سعيد المسمّى علي شاه جيلان «١٤٥» ، ولهذا الأمير جلال الدين الفلكي أخ فاضل اسمه هبة الله ويلقّب بهاء الملك، وفد على ملك الهند حين وفودي عليه، ووفد معنا شرف الملك أمير بخت فخلع ملك الهند علينا جميعا، وقدّم كل واحد في شغل يليق به، وعيّن لنا المرتّب والاحسان، وسندكر ذلك، وهذا السلطان أبو اسحاق يريد التشبّه بملك الهند المذكور في الإيثار واجزال العطايا، ولكن اين الثريّا من الثرى! واعظم ما تعرّفناه من عطيّات أبي اسحاق أنه اعطى الشيخ زادة الخراساني الذي أتاه رسولا عن ملك هرات سبعين الف دينار وأمّا ملك الهند فلم يزل يعطي أضعاف ذلك لمن لا يحصى كثرة من أهل خراسان وغيرهم.
[حكاية [ملك الهند وكرمه]]
ومن عجيب فعل ملك الهند مع الخراسانيّين أنّه قدم عليه رجل من فقهاء خراسان هروى الدار من سكّان خوارزم يسمّى بالأمير عبد الله بعثته الخاتون ترابك زوج الامير قطلو دمور صاحب خوارزم بهدية إلى ملك الهند «١٤٦» المذكور فقبلها وكافى عنها بأضعافها وبعث