إذ كان أوانه «١٤» ، ولا يتهيّأ السفر إلى الصين في كل وقت، فجهّز لنا جنكا وزوّدنا وأحسن وأجمل جزاءه الله خيرا، وبعث معنا من أصحابه من يأتي لنا بالضيافة إلى الجنك، وسافرنا بطول بلاده إحدى وعشرين ليلة.
ثم وصلنا إلى مل جاوة «١٥» بضم الميم، وهي بلاد الكفار وطولها مسيرة شهرين وبها الأفاويه العطرة، والعود الطيب القاقلي «١٦» والقماري «١٧» ، وقاقلة، وقمارة من بعض بلادها، وليس ببلاد السلطان الظاهر بالجاوة إلا اللّبان والكافور وشيء من القرنفل وشيء من العود الهندي وانما معظم ذلك بمل جاوة ولنذكر ما شاهدناه منها ووقفنا على أعيانه وحققناه.
ذكر اللّبان
وشجرة اللّبان صغيرة تكون بقدر قامة الإنسان إلى ما دون ذلك وأغصانها كأغصان الخرشف وأوراقها صغار رقاق، وربّما سقطت فبقيت الشجرة منها دون ورقة، واللّبان صمغية تكون في أغصانها، وهي في بلاد المسلمين أكثر منها في بلاد الكفار «١٨» .
[ذكر الكافور]
وأما شجر الكافور فهي قصب كقصب بلادنا إلا أن الأنابيب منها أطول وأغلظ، ويكون الكافور في داخل الأنابيب، فإذا كسرت القصبة وجد في داخل الأنبوب مثل شكله من الكافور، والسرّ العجيب فيه أنه لا يتكون في تلك القصب حتى يذبح عند أصولها شيء من الحيوان وإلا لم يتكون شيء منه!! والطيّب المتناهي في البرودة الذي يقتل منه وزن الدرهم بتجميد الروح، وهو المسمى