للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلأجل هذا فعلنا ما رأيت من القيام له، فأخذني ما حدث وقدم من الامتعاض «٨٧» ، فقلت لليهوديّ: يا ملعون بن ملعون، كيف تجلس فوق قرّاء القرآن وانت يهوديّ؟ وشتمته، ورفعت صوتي فعجب السلطان، وسأل عن معنى كلامي فاخبره الفقيه به، وغضب اليهوديّ فخرج عن المجلس في أسوأ حال، ولمّا انصرفنا قال لي الفقيه: أحسنت بارك الله فيك إن أحدا سواك لا يتجاسر عن مخاطبته بذلك ولقد عرّفته بنفسه!

[حكاية أخرى [الحجر النازل من السماء]]

وسألني السلطان في هذا المجلس، فقال لي: هل رأيت قطّ حجرا نزل من السماء؟

فقلت: ما رأيت ذلك ولا سمعت به. فقال لي: إنه قد نزل بخارج بلدنا هذا حجر من السماء، ثم دعا رجالا وأمرهم أن يأتوا بالحجر فاتوا بحجر أسود أصمّ شديد الصّلابة له بريق، قدّرت أنّ زنته تبلغ قنطارا وأمر السلطان باحضار القطّاعين فحضر أربعة منهم، فأمرهم أن يضربوه فضربوا عليه ضربة رجل واحد أربع مرّات بمطارق الحديد فلم يؤثّروا فيه شيئا، فعجبت من أمره وأمر بردّه إلى حيث كان.

وفي ثالث يوم من دخولنا إلى المدينة مع السلطان صنع صنيعا عظيما ودعا الفقهاء والمشايخ واعيان العسكر ووجوه أهل المدينة فطعموا وقرأ القرّاء القرآن، بالأصوات الحسان، وعدنا إلى منزلنا بالمدرسة وكان يوجّه الطعام والفاكهة، والحلواء والشّمع في كلّ ليلة، ثم بعث إليّ مائة مثقال ذهبا والف درهم وكسوة كاملة وفرسا ومملوكا روميا يسمّى ميخائيل، وبعث لكلّ من أصحابي كسوة ودراهم، كلّ هذا بمشاركة المدرّس محيي الدّين جزاه الله تعالى خيرا، وودّعنا وانصرفنا وكانت مدّة مقامنا عنده بالجبل والمدينة أربعة عشر يوما.

<<  <  ج: ص:  >  >>