ثم قصدنا مدينة تيرة «٨٨» وهي من بلاد هذا السلطان، وضبط اسمها بكسر التاء المعلوّة وياء مدّ وراء، مدينة حسنة ذات أنهار وبساتين وفواكه، ونزلنا منها بزاوية الفتى أخي محمّد، وهو من كبار الصالحين صائم الدهر، وله أصحاب على طريقته فأضافنا ودعا لنا، وسرنا إلى مدينة أيا سلوق «٨٩» ، وضبط اسمها بفتح الهمزة والياء آخر الحروف وسين مهمل مضموم ولام مضموم وآخره قاف، مدينة كبيرة قديمة معظّمة عند الروم وفيها كنيسة كبيرة مبنيّة بالحجارة الضخمة، ويكون طول الحجر منها عشر أذرع فما دونها منحوتة أبدع نحت والمسجد الجامع بهذه المدينة من أبدع مساجد الدنيا لا نظير له في الحسن، وكان كنيسة للروم ومعظّمة عندهم يقصدونها من البلاد، فلمّا فتحت هذه المدينة جعلها المسلمون مسجدا جامعا «٩٠» ، وحيطانه من الرخام الملوّن وفرشه الرخام الابيض وهو مسقّف بالرصاص وفيه إحدى عشرة قبّة منوّعة، وفي وسط كل قبّة صهريج ماء، والنهر يشقّه «٩١» ، وعن جانبي النهر الأشجار المختلفة الأجناس ودوالي العنب ومعرّشات الياسمين، وله خمسة عشر بابا، وأمير هذه المدينة خضر بك بن السلطان محمد بن ايدين، وقد كنت رايته عند أبيه ببركي، ثم لقيته بهذه المدينة خارجها فسلّمت عليه وأنا راكب، فكره ذلك منّي، وكان سبب حرماني لديه، فإنّ عادتهم إذا نزل لهم الوارد نزلوا له وأعجبهم ذلك، ولم يبعث إليّ ثوبا واحدا من الحرير المذهّب يسمّونه النّخ «٩٢» ، بفتح النون وخاء معجم، واشتريت بهذه المدينة جارية روميّة بكرا بأربعين دينارا ذهبا.
ثم «٩٣» سرنا إلى مدينة يزمير «٩٤» ، وضبط اسمها بياء آخر الحروف مفتوحة وزاي مسكّن وميم مكسورة وياء مدّ وراء، مدينة كبيرة على ساحل البحر معظمها خراب، ولها قلعة