ولمّا حصلت لي زيارة الشيخ أبى العباس الرفاعي نفع الله به عدت إلى مدينة واسط فوجدت الرفقة التي كنت فيها قد رحلت فلحقتها في الطريق ونزلنا ماء يعرف بالهضيب، ثم رحلنا ونزلنا بوادي الكراع وليس به ماء ثم رحلنا ونزلنا موضعا يعرف بالمشيرب «٣٥» ، ثم رحلنا منه ونزلنا بالقرب من البصرة ثم رحلنا فدخلنا ضحوة النهار إلى مدينة البصرة «٣٦» .
[مدينة البصرة]
فنزلنا بها رباط مالك بن دينار «٣٧» ، وكنت رأيت عند قدومي عليها على نحو ميلين منها بناء عالّما مثل الحصن، فسألت عنه فقيل لي هو مسجد علي بن أبي طالب «٣٨» رضي الله عنه، وكانت البصرة من اتّساع الخطّة، وانفساح الساحة، بحيث كان هذا المسجد في وسطها، وبينه الآن وبينها ميلان، وكذلك بينه وبين السور الأول المحيط بها نحو ذلك فهو متوسّط بينهما.
ومدينة البصرة إحدى امّهات العراق، الشهيرة الذكر في الآفاق، الفسيحة الأرجاء، المؤنقة الأفناء، ذات البساتين الكثيرة والفواكه الأثيرة، توفّر قسمها من النضارة والخصب، لما كانت مجمع البحرين: الأجاج والعذب «٣٩» ، وليس في الدنيا أكثر نخلا منها فيباع التمر في