وفيه جملة أبواب محكمة الصنائع، مفيضة بقداح البدائع، آخذة بأزمّة العيون إلى حسنها الرائع، قائمة على قلب القلوب بجمالها الموفور البضائع. وكلّها موصد مغلق إلا الباب الذي بجهة الشرق فإنه معدّ لدخول الخليفة، ومواطئ أقدامه الشريفة، مخصوص بالولوج إلى المواقف العالية المنيفة، والحواضر التي احتوت على أسرار الحسن اللطيفة. ومن هنالك يشرع إلى باب أفراق الثاني الذي به مساكن الخلافة ومضاربها، ومسارح ربّات خدوره ومساربها.
ويوالي باب أفراق الثاني القبّة العظمى التي ظهرت كقوس قزح ألوانها يلحق بالكوكب السيّار.
قد أحكمت بدواخله الحرائم البديعة الاختراع، والتوارق العجيبة التي استمتع الحسن بها أعظم الاستمتاع.
وبها أيضا مرتبة الملك بيضاء عالية كالصبح، مكتنفة في كل الأوقات بالنصر والفتح.
يحلّها البدر فتجلي الأحلاك لكن بانتسامه، ويستقر بأعلاها البحر فيرسل الدرّ لكن من كلامه، وتروي عن سهل لكن من خلائقه وعن كثير لكن من أنعامه، «وتشاهد منه ثالث العمرين لكن عند تنفيذ أحكامه» ونصر الدّين بالماضيين لسانه وحسامه.
ويمقربة من قبّة الجلوس بالجهة الشرقية يضرب الجامع الذي امتدت له الأسباب، وسرّ بالدخول في المحراب منه المحراب. وبه استقرار الحزّابين والمؤذنين من مرتبين لقراءة القرآن، وحفظ أوقات الصلوات بالآذان، وإقامة شعائر الإسلام والإيمان.
[وثيقة تأسيس مسجد مالديف]
عن حديثه حول الخطوط التي قرآها وهو يزور الجامع الأعظم في مالديف نسوق النص الكامل لهذا النقش كما وقفنا عليه بالعيان.
١) السطر الأول: أمر ببناء هذا المسجد المبارك الجامع لله تعالى السلطان درمس محمد بن عبد الله وأخوه سيري كلؤ؟ رحمة الله عليهم أجمعين وأمر الوزير شنورازاه ببنائه، فبنا وعمّر رحمة الله عليه ووصل في هذا البلد أبو البركات.
٢) السطر الثاني: يوسف؟ البربري وأسلم على يديه في شهر ربيع الآخر في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة فقدم وأمر بعمارة هذا المسجد الجامع لله عزّ وجلّ مولانا السلطان