وبنجالة، فلما استشهد الخان الشهيد جعل السلطان بلبن العهد إلى ولده كي خسرو وعدل به عن ابن نفسه ناصر الدين، وكان لناصر الدين أيضا ولد ساكن بحضرة دهلي مع جده غياث الدين يسمّى معز الدين وهو الذي تولّى الملك بعد جده في خبر عجيب نذكره، وأبوه إذ ذاك حيّ كما ذكرناه.
[ذكر السلطان معز الدين بن ناصر الدين بن السلطان غياث الدين بلبن:]
ولما توفي السلطان غياث الدين ليلا، وابنه ناصر الدين غائب ببلاد اللكنوتي، وجعل العهد لابن ابنه الشهيد كي خسرو حسبما قصصناه كان ملك الأمراء نائب السلطان غياث الدين «٢٨» عدوّا لكي خسرو فأدار عليه حيلة تمت له، وهي أنه كتب بيعة دلّس فيها على خطوط الأمراء الكبار بأنهم بايعوا معز الدين حفيد السلطان بلبن ودخل على كي خسرو كالمتنصّح له فقال له: إن الأمراء قد بايعوا ابن عمك وأخاف عليك منهم فقال له: كي خسرو: فما الحيلة؟ قال أنج بنفسك هاربا إلى بلاد السند، فقال: وكيف الخروج والأبواب مسدودة؟ فقال له: إن المفاتيح بيدي وأنا أفتح لك، فشكره على ذلك وقبّل يده، فقال له:
اركب الآن، فركب في خاصته ومماليكه وفتح له الباب وأخرجه، وسدّ في أثره، واستأذن «٢٩» على معز الدين فبايعه، فقال: كيف لي بذلك وولاية العهد لابن عمّي؟ فأعلمه بما أدار عليه من الحيلة وبإخراجه فشكره على ذلك، ومضى به إلى دار الملك وبعث عن الأمراء والخواص فبايعوه ليلا، فلما أصبح بايعه سائر الناس، واستقام له الملك.
وكان أبوه حيا ببلاد بنجالة واللّكنوتي، فاتصل به الخبر، فقال: أنا وارث الملك، وكيف يلي ابني الملك ويستقلّ به وأنا بقيد الحياة؟ فتجهز في جيوشه قاصدا حضرة دهلي وتجهز ولده في جيوشه أيضا قاصدا لمدافعته عنها فتوافيا معا بمدينة كرا «٣٠» ، وهي على ساحل نهر الكنك الذي تحج الهنود إليه، فنزل ناصر الدين على شاطئه مما يلي كرا ونزل ولده السلطان معزّ الدين مما يلي الجهة الأخرى والنّهر بينهما وعزما على القتال، ثم إن الله تعالى أراد حقن دماء المسلمين فالقى في قلب ناصر الدين الرحمة لابنه، وقال: إذا ملك ولدي فذلك شرف لي وأنا أحقّ أن أرغب في ذلك، وألقى في قلب السلطان معز الدين الضّراعة لأبيه