للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبخارى وترمذ، فاشترى مائة مملوك كان من جملتهم بلبن، فلما دخل بالمماليك على السلطان أعجبه جميعهم إلا بلبن لما ذكرناه من ذمامته، فقال: لا أقبل هذا، فقال له بلبن: يا خوند عالم، لمن اشتريت هؤلاء المماليك؟ فضحك منه، وقال: اشتريتهم لنفسي، فقال له: اشترني أنا لله عز وجل! فقال: نعم وقبله وجعله في جملة المماليك فاحتقر شأنه وجعل في السقّائين، وكان أهل المعرفة بعلم النجوم يقولون للسلطان شمس الدين: إن أحد مماليكك يأخذ الملك من يد ابنك، ويستولي عليه. ولا يزالون يلقون له ذلك، وهو لا يلتفت إلى أقوالهم لصلاحه وعدله إلى أن ذكروا ذلك للخاتون الكبرى أمّ أولاده، فذكرت له ذلك، وأثّر في نفسه، وبعث عن المنجّمين، فقال: أتعرفون المملوك الذي يأخذ ملك ابني إذا رأيتموه؟ فقالوا له نعم، عندنا علامة نعرفه بها، فأمر السلطان بعرض مماليكه وجلس لذلك، فعرضوا بين يديه طبقة طبقة والمنجّمون ينظرون إليهم، ويقولون: لم نره بعد، وحان وقت الزوال فقال السقّاءون بعضهم لبعض: إنا قد جعنا فلنجمع شيئا من الدراهم ونبعث أحدنا إلى السوق ليشتري لنا ما نأكله، فجمعوا الدراهم وبعثوا بها بلبن إذ لم يكن فيهم أحقر منه، فلم يجد بالسوق ما أرادوه، فتوجه إلى سوق أخرى وأبطأ، وجاءت نوبة السقّائين في العرض، وهو لم يأت بعد، فأخذوا زقّه وماعونه وجعلوهما على كاهل صبيّ وعرضوه على أنه بلبن، فلما نودي باسمه جاز الصبي بين أيديهم، وانقضى العرض ولم ير المنجمون الصّورة التي طلبوبها، وجاء بلبن بعد تمام العرض لما أراد الله من إنفاذ قضائه «٢٤» ، ثم إنه ظهرت نجابته فجعل أمين السقائين ثم صار من جملة الأجناد ثم من الأمراء.

ثم تزوج السلطان ناصر الدين بنته قبل أن يلي الملك، فلما ولي الملك جعله نائبا عنه مدة عشرين سنة ثم قتله بلبن واستولى على ملكه عشرين سنة أخرى كما تقدم ذكر ذلك! وكان للسلطان بلبن ولدان: أحدهما الخان الشهيد ولي عهده، وكان واليا لأبيه ببلاد السند ساكنا بمدينة ملتان وقتل في حرب له مع التتر «٢٥» وترك ولدين كى قباد، وكى خسرو «٢٦» ، وولد السلطان بلبن الثاني يسمى ناصر الدين وكان واليا لأبيه ببلاد اللكنوتي «٢٧»

<<  <  ج: ص:  >  >>