للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقت صلاة العصر فصلّى بالقوم وانصرفوا وكان مجلسه مجلس علم ووعظ وبركة، وتبادر التائبون فأخذ عليهم العهد وجزّ نواصيهم «٧٩» وكانوا خمسة عشر رجلا من الطلبة قدّموا من البصرة برسم ذلك وعشر رجال من عوّام تستر.

حكاية [الشيخ السّخي]

لمّا دخلت هذه المدينة أصابني مرض الحمّى، وهذه البلاد يحمّ داخلها في زمان الحرّ كما يعرض في دمشق وسواها من البلاد الكثيرة المياه والفواكه، وأصابت الحمّى أصحابي أيضا فمات منهم شيخ اسمه يحيى الخرساني، وقام الشيخ بتجهيزه من كل ما يحتاج إليه الميّت وصلى عليه، وتركت بها صاحبا لي يدعى بهاء الدين الختني فمات بعد سفري.

وكنت حين مرضى لا أشتهي الأطعمة التي تصنع لي بمدرسته، فذكر لي الفقيه شمس الدين السندي من طلبتها طعاما فاشتهيته ودفعت له دراهم، وطبّخ لي ذلك الطعام بالسوق وأتى به إليّ فأكلت منه، وبلغ ذلك الشيخ فشقّ عليه وأتى إليّ وقال لي: كيف تفعل هذا وتطبخ الطعام في السوق؟ وهلّا أمرت الخدّام أن يصنعوا لك ما اشتهيته، ثم أحضر جميعهم وقال لهم: جميع ما يطلبه منكم من أنواع الطعام والسكر وغير ذلك فأتوا إليه به وأطبخوا له ما يشاءه واكّد عليهم في ذلك أشدّ التاكيد، جزاه الله خيرا.

ثم سافرنا من مدينة تستر ثلاثا في جبال شامخة وبكل منزل زاوية كما تقدم ذكر ذلك، ووصلنا إلى مدينة إيذج، وضبط اسمها بكسر الهمزة وياء مدّ وذال معجم مفتوح وجيم، وتسمى أيضا مال الأمير «٨٠» ، وهي حضرة السلطان أتابك، وعند وصولي إليها اجتمعت بشيخ شيوخها العالم الوارع نور الدين الكرماني وله النظر في جميع الزوايا، وهم يسمّونها المدرسة، والسلطان يعظّمه ويقصد زيارته، وكذلك أرباب الدولة وكبراء الحضرة يزورونه غدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>