ويتصل بهذه الزاوية دار معدّة لنزول الواردين. مفتحة أبوابها للوفود القاصدين، وتقابلها دار أخرى معدّة للطبخ، واستمجاد العفار والمرخ. لا تخمد بها نيران القرى. ولا تزال مشبوبة لذوي النوائب والسرى.
وللزاوية والدارين المتصلتين بها باب عظيم في جهة الشرق. ناظر إلى الحضرة العلّية التي هي مجمع الخلق. وبمقروبة منه الصومعة التي كادت تزحم الكواكب، وتبلغ السحاب فتدر غيوثها السواكب. وهي من أحسن الصوامع صنائع وأعظمها بأشغال الزليج الملون بدائع. تفوق بمحاسنها الرائقة الرائعة الديباج. وتنسى بتفافيحها المذهبة السراج الوهّاج.
أعلى الله كلمة من أعلاه إظهارا للدين. وجعل أيّامه خليفة الأمنة والتهدين. ونفعه بأعماله الصالحة التي شهدت بسلامة القلب وصحة اليقين بمنّه ويمنه.
ويتصل بهذه الزاوية المباركة من جهة الغرب واتلجوف روض أريض، لقداح الحسن مفيض. قد رمى كتاب تربه بالأثقال، وضمن منها سطورا بديعة الجمال وشغلت أفكار أرضه بالأصول، وصار من حيطانه في حكم المعقول. حتى أبهج أولي الأحكام، وأبدى المحاسن المشتركة الإلزام. وأخرج الأشجار من زهره في أبدع نصيف. وترك الريح تصلي من نوره في درع حصيف. فالأغصان تميل على جوانبه حبا. والماء يجري إلى ملاقاته صبا، وبنات المزن تصاحب منه أبا.
وبغربي الزاوية صهريج عميق. للماء في جنباته لعب وتصفيق.
[- ذكر السانية وأوصافها المتباينة:]
وقد قامت بإزائها سانية بديعة الأشكال. لا تشكو في حبّها بتقطّع الأوصال. كريمة كأنما علمها بنوبرمك البذل، فهي تصاحب في قعر بيها جعفرا وتطلع لنا الفضل. بديعة النغمات ولا غزو فيه الميلاء. حنينها أشدّ من حنين مهيار إذا أبدت من روضة ظمياء. حسناء ليس التوقف من مذاهبها، ولا الإمساك من مآربها. بل حبلها بين الرجال على غاربها. فهي تجد وتفور، وتشرب وتدور. منزّهة عن الهنات، معدودة عند الروض في السابحات.
إلّا أنها أصابتها العين فهي باكية. ومن حمل المصاحب المفارق شاكية، قد دارت عليها الدوائر. وأدخل أصبعه في عينها الزائر.
أستغفر الله بل هي الجارية المبرورة، الضاحكة المسرورة. المنشرحة الصدر. الطالعة في الهالة كالبدر. إذا نادت بمائها فهو المنادى المرفوع. وإذا أتت في أبياتها بوتد فهو المجموع. وتبهج الفقراء بمحاسنها المتوالية، وترسل إليهم ماءها فلا تنكر مجيء السائل إلى