روضها المجاور الأرواح. أحسن من الوشي اليماني تنميقا، وأبدع من حلتي الغواني جمعا وتفريقا قد قام بقبليها على العادة جامع للمحاسن جامع. ومسجد يتحيّر فيه راء ويعجّب فيه سامع. قد لبست سقفه من الزخارف حللا. وجرت ذيل الإبداع والإتقان فضلا. وأزرت شمسا بالبدور وأبدت وجوه الابتهاج. وتلقت أعراب البدائع من الزجاج.
وتقابلها بالجوف قبة صعدت ف الجو، وتنزّه كمالها عن الليث واللو. وارتفعت ارتفاع النسر الطائر. وجمعت بين الحسن الباطن والحسن الظاهر.
وتدور بهذه الزاوية المباركة من جهاتها الأربع براطل بديعة الاختراع. متقابلة الأشكال والأوضاع. قد قامت سواريها كأنها عرائس تجلي. وبأرضها من الصنائع ما هو أبدع من حللهن التي تبلى.
وقد امتد من الجامع إلى القبّة صهريج بديع الطول والعرض. يلتفت عن زرق كأنّما عيونه عيون للأرض. ينسخ به الرياح دروعا لكنها فارسية ولربما جاءت بها المياه رافضة القياس كأنّما ظاهرية داودية.
وبشاطئي هذا الصهريج أسدان لم يغل التبر، حين نفق منهما الصفر، ولم تبأ الزهر، حين طلع أمامهما الزهر. للماء على أفواههما تحدر، وللحباب أمامهما تحيّر وللحصا خيفة منهما تستر. من كل ثقيل على النفوس خفيف. قد سخر للصالحين وشرف أحسن تشريف.
وعظم بمحله إيناس. فكأنما عرينه كناس وفي طي ذلك للتنعّم أنواع وأجناس.
وفي كل ركن من أركان هذه الزاوية باب يشرع إلى دار بديعة البناء، متناسبة الأجزاء، مكملة المنافع. منيعة المصاعد والمصاعد والمطالع. إلّا الباب الذي بالجوف الموالي إلى جهة الغرب فإنه يشرع إلى دار وضوء أطردت فيها مياه، وطابت لميازبها أفواه. وخرجت بها خطايا المتوضي مع آخر قطر الماء. فعاد نقيا من الذنوب إلى إخوانه الصلحاء مخلصا لمولانا أمير المؤمنين في الدعاء. شاكرا لتهممه بالفقراء وأبناء السبيل المشتاقين إلى الأوطان والأبناء. والمستضعفين الذي قصدوا جنابه الذي استهميت به سحائب النعماء، واستنسقت غمائم الآلاء.
والديار الثلاث المذكورة إحداها معينة لإمام هنالك، والأخرى للمؤذّن الذي يسلك في إقامته شعائر الدين المناهج الواضحة المسالك. والثالثة للناظر في الأوقاف والأحباس، المتصرّف في إعداد الطعام وترتيب الناس.