وأظلّ عيد الفطر «٩٠» والسلطان لم يعد بعد إلى الحضرة فلمّا كان يوم العيد ركب الخطيب على الفيل وقد مهّد له على ظهره شبه السرير وركزت أربعة أعلام في أركانه الأربعة ولبس الخطيب ثياب السّواد وركب المؤذنون على الفيلة يكبّرون أمامه وركب فقهاء المدينة وقضاتها وكلّ واحد منهم يستصحب صدقة يتصدّق بها حين الخروج إلى المصلّى، ونصب على المصلّى صيوان قطن وفرش ببسط، واجتمع الناس ذاكرين لله، تعالى، ثمّ صلّى بهم الخطيب وخطب وانصرف الناس إلى منازلهم وانصرفنا إلى دار السلطان، وجعل الطعام، فحضره الملوك والأمراء والأعزّة وهم الغرباء وأكلوا وانصرفوا.
[ذكر قدوم السلطان ولقائنا له]
ولما كان في رابع شوّال نزل السلطان «٩١» بقصر يسمّى تلبت «٩٢» ، بكسر التاء المعلوّة الأولى وسكون اللام وفتح الباء الموحدة ثمّ تاء كالأولى، وهي على مسافة سبعة أميال من الحضرة، فأمرنا الوزير بالخروج إليه فخرجنا، ومع كلّ إنسان هديّة من الخيل والجمال والفواكه الخراسانيّة والسيوف المصريّة والمماليك، والغنم المجلوبة من بلاد الأتراك، فوصلنا إلى باب القصر وقد اجتمع جميع القادمين فكانوا يدخلون إلى السلطان على قدر مراتبهم ويخلع عليهم ثياب الكتّان المزركشة بالذهب.
ولمّا وصلت النوبة إليّ دخلت فوجدت السلطان قاعدا على كرسيّ فظننته أحد الحجّاب حتّى رأيت معه ملك النّدماء ناصر الدين الكافيّ الهرويّ، وكنت عرفته ايّام غيبة السلطان، فخدم الحاجب فخدمت، واستقبلني أمير حاجب وهو ابن عمّ السلطان المسمّى بفيروز، وخدمت ثانية لخدمته، ثمّ قال لي ملك النّدماء: بسم الله، مولانا بدر الدين، وكانوا يدعونني بأرض الهند بدر الدين وكلّ من كان من أهل الطلب إنّما يقال له مولانا، فقربت من السلطان حتّى أخذ بيدي وصافحني وامسك يدي وجعل يخاطبني بأحسن خطاب، ويقول لي باللسان