أربعين سنة، فأضربوا عما همّوا به من المراجعة في شأنه. وكان أمره على ما ظهر للمنجم، وعرف في ولايته بالعدل والنزاهة. ومنهم وجيه الدين الصنهاجي من قضاتها مشتهر بالعلم والفضل. ومنهم شمس الدين ابن بنت التنّيسي فاضل شهير الذكر، ومن الصالحين بها الشيخ أبو عبد الله الفاسي من كبار أولياء الله تعالى، يذكر أنه كان يسمع رد السلام عليه إذا سلم من صلاته، ومنهم الامام العالم الزاهد الخاشع الورع خليفة «١٦» صاحب المكاشفات.
[ذكر كرامة له]
أخبرني بعض الثقات من أصحابه، قال: رأي الشيخ خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال له يا خليفة زرنا. فرحل إلى المدينة الشريفة وأتى المسجد الكريم فدخل من باب السلام وحيّى المسجد وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقعد مستندا إلى بعض سواري المسجد ووضع رأسه على ركبتيه، وذلك يسمى عند المتصوفة التزييق «١٧» ، فلما رفع رأسه وجد أربعة أرغفة وآنية فيها لبن وطبقا فيه تمر فأكل هو وأصحابه وانصرف عائدا إلى الاسكندرية ولم يحج تلك السنة. ومنهم الامام العالم الزاهد الورع الخاشع برهان الدين الأعرج من كبار الزهاد، وأفراد العبّاد، لقيته أيام مقامي بالإسكندرية وأقمت في ضيافته ثلاثا.
[ذكر كرامة له]
دخلت عليه يوما فقال لي: أراك تحب السياحة والجولان في البلاد، فقلت له: نعم إني أحب ذلك، ولم يكن حينئذ خطر بخاطري التوغل في البلاد القاصية من الهند والصين، فقال:
لا بد لك إن شاء الله من زيارة أخي فريد الدين بالهند وأخي ركن الدين زكرياء بالسند وأخي برهان الدين بالصين! فإذا بلغتهم فأبلغهم مني السلام. فعجبت من قوله، وألقي في روعي التوجه إلى تلك البلاد، ولم أزل أجول حتى لقيت الثلاثة الذين ذكرهم وأبلغتهم سلامه. ولما