للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانصرفوا، فقلت لهم: ألهذا دعانا الأسود؟ قالوا: نعم! وهو الضيافة الكبيرة عندهم «٢٩» ، فأيقنت حينئذ أن لا خير يرتجى منهم، وأردت أن أسافر مع حجاج أيوالاتن، ثم ظهر لي أن أتوجه لمشاهدة حضرة ملكهم.

وكانت إقامتي بايوالّاتن نحو خمسين يوما وأكرمني أهلها وأضافوني، منهم قاضيها محمد بن عبد الله بن ينومر، وأخوه الفقيه المدرس يحيى. وبلدة ايوالّاتن شديدة الحر، وفيها يسير نخيلات يزدرعون في ظلالها البطيخ، وماؤهم من أحساء بها، ولحم الضأن كثير بها، وثياب أهلها حسان مصرية، وأكثر السكان بها من مسّوفة، ولنسائهم الجمال الفائق وهنّ أعظم شأنا من الرجال «٣٠» .

ذكر مسّوفة الساكنين بإيوالّاتن.

وشأن هؤلاء القوم عجيب، وأمرهم غريب، فأما رجالهم فلا غيرة لديهم ولا ينتسب أحدهم إلى أبيه بل ينتسب لخاله، ولا يرث الرجل إلا ابناء أخته دون بنيه، وذلك شيء ما رأيته في الدنيا إلا عند كفار بلاد المليبار من الهنود، وأما هؤلاء فهم مسلمون محافظون على الصّلوات، وتعلم الفقه وحفظ القرآن، وأما نساؤهم فلا يحتشمن من الرجال ولا يحتجبن مع مواظبتهن على الصلوات، ومن اراد التزوج منهن تزوج لكنهن لا يسافرن مع الزوج، ولو أرادت إحداهن ذلك لمنعها أهلها! والنساء هنالك يكون لهنّ الأصدقاء والأصحاب من الرجال الأجانب وكذلك للرجال صواحب من النساء الأجنبيات ويدخل أحدهم داره فيجد امرأته ومعها صاحبها فلا ينكر ذلك «٣١» .

<<  <  ج: ص:  >  >>