وتأتي الرجال من مسّوفة وبردامة «٢٤» وغيرها بأحمال الماء للبيع، ثم وصلنا إلى مدينة إيوالّاتن «٢٥» في غرة شهر ربيع الأول بعد سفر شهرين كاملين من سجلماسة، وهي أول عمالة السودان، ونائب السلطان بها فربا حسين، وفربا بفتح الفاء وسكون الراء وفتح الباء الموحدة، ومعناه النائب.
ولما «٢٦» وصلناها جعل التجار أمتعتهم في رحبة وتكفل السّودان بحفظها، وتوجهوا إلى الفربا، وهو جالس على بساط في سقيف، وأعوانه بين يديه، بأيديهم الرماح والقسّي وكبراء مسوفة من ورائه، ووقف التجار بين يديه وهو يكلمهم بترجمان على قربهم منه احتقارا لهم «٢٧» فعند ذلك ندمت على قدومي بلادهم لسوء أدبهم واحتقارهم للأبيض! وقصدت دار ابن بدّاء، وهو رجل فاضل من أهل سلا كنت كتبت له أن يكتري لي دارا ففعل ذلك، ثم إن مشرف «٢٨» إيوالّاتن، ويسمى منشاجو، بفتح الميم وسكون النون وفتح الشين المعجم والف وجيم مضموم وواو، استدعى من جاء في القافلة إلى ضيافته، فأبيت من حضور ذلك، فعزم الأصحاب عليّ أشد العزم فتوجهت فيمن توجه ثم أتى بالضيافة، وهي جريش أنلي مخلوطا بيسير عسل ولبن قد وضعوه في نصف قرعة صيّروه شبه الجفنة، فشرب الحاضرون