وهي مرسى أهل الهند تأتي إليها المراكب العظيمة من كنباية وتانة، وكولم، وقالقوط، وفندرانية، والشاليات، ومنجرور، وفاكنور، وهنور، وسندابور، وغيرها «٤٣» ، وتجار الهند ساكنون بها وتجار مصر ايضا.
وأهل عدن ما بين تجار وما بين حمّالين وصيّادين للسّمك وللتجار منهم أموال عريضة وربّما يكون لأحدهم المركب العظيم بجميع ما فيه لا يشاركه فيه غيره لسعة ما بين يديه من الأموال، ولهم في ذلك تفاخر ومباهاة.
[حكاية [كبش يعتق عبدا]]
ذكر لي أن بعضهم «٤٤» بعث غلاما له ليشتري له كبشا وبعث اخر منهم غلاما له برسم ذلك أيضا، فاتّفق أنّه لم يكن بالسوق في ذلك اليوم إلّا كبش واحد فوقعت المزايدة فيه بين الغلامين، فانتهى ثمنه إلى أربع مائة دينار، فأخذه أحدهما، وقال: إنّ رأس مالي أربع مائة دينار، فإن أعطاني مولاي ثمنه فحسن والّا دفعت فيه رأس مالي ونصرت نفسي وغلبت صاحبي، وذهب بالكبش إلى سيّده فلمّا عرف سيّده بالقضية أعتقه وأعطاه الف دينار وعاد الآخر إلى سيّده خائبا فضربه وأخذ ماله ونفاه عنه! ونزلت في عدن عند تاجر يعرف بناصر الدين الفأريّ. فكان يحضر طعامه في كلّ ليلة نحو عشرين من التجار، وله غلمان وخدّام أكثر من ذلك، ومع هذا كلّه فهم أهل دين وتواضع وصلاح ومكارم أخلاق يحسنون إلى الغريب ويؤثرون على الفقير، ويعطون حقّ الله من الزكاة على ما يجب، ولقيت بهذه المدينة قاضيها الصالح سالم بن عبد الله الهنديّ، وكان والده من العبيد الحمّالين واشتغل ابنه بالعلم فرأس وساد، وهو من خيار القضاة وفضلائهم، أقمت في ضيافته أيّاما.