للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خربت وحمّامات بغداد كثيرة وهي من أبدع الحمّامات وأكثرها، مطليّة بالقار مسطّحة به فخيّل لرائيه أنه رخام أسود.

وهذا القار يجلب من عين بين الكوفة والبصرة «١٨٩» تنبع أبدا به ويصير في جوانبها كالصلصال، فيجرف منها، ويجلب إلى بغداد، وفي كلّ حمّام منها خلوات كثيرة كلّ خلوة منها مفروشة بالقار، مطلّى نصف حائطها ممّا يلي الارض به والنصف الأعلى مطلّى بالجصّ الأبيض الناصع، فالضدّان بها مجتمعان متقابل حسنهما. وفي داخل كلّ خلوة حوض من الرخام فيه أنبوبان، أحدهما يجرى بالماء الحارّ والآخر بالماء البارد فيدخل الإنسان الخلوة منها منفردا لا يشاركه أحد إلّا إن أراد ذلك، وفي زاوية كلّ خلوة أيضا حوض آخر للاغتسال، فيه أيضا أنبوبان يجريان بالحارّ والبارد، وكلّ داخل يعطى ثلاثا من الفوط:

إحداها يتّزر بها عند دخوله والأخرى يتّزر بها عند خروجه، والأخرى ينشف بها الماء عن جسده ولم أر هذا الاتقان كلّه في مدينة سوى بغداد، وبعض البلاد تقاربها في ذلك.

[ذكر الجانب الغربي من بغداد]

الجانب الغربي منها هو الذي عمر أولا «١٩٠» وهو الآن خراب أكثره، وعلى ذلك فقد بقى منه ثلاث عشرة محلّة، كلّ محلة كأنها مدينة، بها الحمّامان والثلاثة، وفي ثمان منها المساجد الجامعة.

ومن هذه المحلّات محلّة باب البصرة «١٩١» وبها جامع الخليفة أبى جعفر المنصور رحمه الله، والمارستان فيما بين محلّة باب البصرة «١٩٢» ومحلّة الشارع على الدّجلة، وهو قصر كبير خرب بقيت منه الآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>