السلطان الفيل ركب من معه الخيل وإذا ركب الفرس ركبوا الفيلة، ويكون أهل العلم عن يمينه، فركب ذلك اليوم على الفيل وركبنا الخيل وسرنا معه إلى المشور، فنزلنا حيث العادة ودخل السلطان راكبا وقد اصطف في المشور الوزراء والأمراء والكتاب وأرباب الدولة ووجوه العسكر صفوفا، فأول الصفوف صف الوزراء والكتاب، ووزراؤه أربعة فسلموا عليه وانصرفوا إلى موضع وقوفهم، ثم صفّ الأمراء فسلموا ومضوا إلى مواقفهم، وكذلك تفعل كل طائفة، ثم صفّ الشرفاء والفقهاء، ثم صفا لندماء والحكماء والشعراء، ثم صف وجوه العسكر ثم صف الفتيان والمماليك، ووقف السلطان على فيله إزاء قبة الجلوس، ورفع فوق رأسه شطر مرصّع، وجعل عن يمينه خمسون فيلا مزينة، وعن شماله مثلها وعن يمينه أيضا مائة فرس وعن شماله مثلها، وهي خيل النوبة، ووقف بين يديه خواص الحجاب، ثم أتى أهل الطرب من الرّجال، فغنّوا بين يديه وأتي بخيل مجلّلة بالحرير لها خلاخيل ذهب وأرسان حرير مزركشة فرقصت الخيل بين يديه! فعجبت من شأنها، وكنت رأيت مثل ذلك عند ملك الهند، ولما كان عند الغروب دخل السلطان إلى داره وانصرف النّاس إلى منازلهم.
[ذكر خلاف ابن أخيه وسبب ذلك.]
وكان له ابن أخ متزوج ببنته فولّاه بعض البلاد، وكان الفتى يتعشق بنتا لبعض الأمراء ويريد تزوجها، والعادة هنالك أنه إذا كانت لرجل من الناس: أمير أو سوقى أو سواه، بنت قد بلغت مبلغ النكاح فلا بد أن يستأمر السلطان في شأنها، ويبعث السلطان من النساء من تنظر إليها فان أعجبته صفتها تزوجها وإلا تركها يزوجها أولياؤها ممن يشاءون.
والناس هنالك يرغبون في تزوج السلطان بناتهم لما يحوزون به من الجاه والشرف، ولما استامر والد البنت التي تعشقها ابن أخي السلطان بعث السلطان من نظر اليها وتزوّجها واشتد شغف الفتى بها، ولم يجد سبيلا إليها.
ثم إن السلطان خرج إلى الغزو وبينه وبين الكفار مسيرة شهر فخالفه ابن أخيه إلى سمطرة ودخلها اذ لم يكن عليها سور حينئذ وادّعى الملك وبايعه بعض الناس وامتنع آخرون، وعلم عمّه بذلك فقفل عائدا إليها فأخذ ابن أخيه ما قدر عليه من الأموال والذخائر وأخذ الجارية التي تعشّقها وقصد بلاد الكفار بمل جاوة، ولهذا بنى عمّه السور على سمطرة، وكانت «١٣» إقامتي عنده بسمطرة خمسة عشر يوما ثم طلبت منه السفر