وأما الصين فيوقدون فيها حجارة تشتعل فيها النار كما تشتعل في الفحم «١٧» ثم إذا صارت رمادا عجنوه بالماء وجففوه للشمس وطبخوا بها ثانية كذلك حتّى يتلاشى.
[حكاية ومكرمة لهذا القاضي والأمير.]
صلّيت في بعض أيام الجمع على عادتي بمسجد القاضي أبي حفص، فقال لي: إن الأمير أمر لك بخمسمائة درهم وأمر أن يصنع لك دعوة ينفق فيها خمسمائة درهم أخرى يحضرها المشايخ والفقهاء والوجوه، فلما أمر بذلك قلت له: أيها الأمير تصنع دعوة يأكل من حضرها لقمة أو لقمتين، لو جعلت له جميع المال كان أحسن له للنفع، فقال: أفعل ذلك، وقد أمر لك بالالف كاملة!! ثم بعثها الامير صحبة إمامه شمس الدين السنجري في خريطة يحملها غلامه، وصرفها من الذهب المغربي ثلاثماية دينار «١٨» .
وكنت قد اشتريت ذلك اليوم فرسا أدهم اللون بخمسة وثلاثين دينارا دراهم وركبته في ذهابي إلى المسجد فما أعطيت ثمنه إلا من تلك الالف! وتكاثرت عندي الخيل بعد ذلك حتى انتهت إلى عدد لا أذكره خفية مكذّب يكذّب به! ولم تزل حالي في الزيادة حتى دخلت أرض الهند، وكانت عندي خيل كثيرة لا كنّي كنت أفضل هذا الفرس وأوثره وأربطه أمام الخيل، وبقي عندي إلى انقضاء ثلاث سنين، ولما هلك تغيرت حالي وبعثت إلي الخاتون جيجا أغا امرأة القاضي مائة دينار دراهم وصنعت لي أختها ترابك زوجة الأمير دعوة جمعت لها الفقهاء ووجوه المدينة بزاويتها التي بنتها وفيها الطعام للوارد والصادر وبعثت إلي بفروة سمّور وفرس جيد، وهي من أفضل النساء وأصلحهن وأكرمهن جزاها الله خيرا.
[حكاية [الخاتون المتقشفة]]
ولما انفصلت من الدعوة التي صنعت لي هذه الخاتون وخرجت عن الزاوية تعرضت لي بالباب امرأة عليها ثياب دنسة وعلى رأسها مقنعة ومعها نسوة لا أذكر عددهن فسلّمت عليّ