للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد فضّل الله تعالى الصالح على العاصي بقوليه: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن يجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم، الآية، وقوله:

وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء إلى آيات كثيرة في هذا المعنى، لكن لما وقع العصاة في المعصية ولم يجدوا سبيلا لأفعال البر فانكسرت قلوبهم بالوقوع في الحوب، جاءت الأحاديث بما طمعوا به من رحمة الله وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: شفاعتي لأهل الكبائر، وقوله في خبر عن ربنا: أنا عند ظن عبدي فليظنّ بي ما شاء فشاء العصاة لذلك بحروف الرحمة، ولذلك قال الناظم:

لعلّ رحمة ربي حين يقسمها ... تأتي على حسب العصيان في القسم

ومع ذلك فالرحمة تلحق العاصي بالطائع، وقال بعض المشايخ من الصوفية:

إذا بدت عين من عيون الرحمة ألحقت المسيء بالمحسن! وقال تعالى: ورحمتي وسعت كل شيء.

[رسالة إلى الروضة الشريفة]

عن الرسالة والقصيدة اللتين بعثهما السلطان أبو عنان إلى سيد المرسلين بخط يده (٣٥٤ -IV) وحتى نأخذ فكرة عن محتويات مثل هذه الرسائل نأتي هنا- في غياب خطاب أبي عنان- بنموذج مما بعث به ملك غرناطة عن نفح الطيب (ج ٥ ص ٣٥٤ الإحاطة ٤، ٥٥٦) وهو من عمل لسان الدّين ابن الخطيب إثر نظم كما نذكر بأن هذه الرسائل كانت تلقى أمام الضريح قبل خزنها.

إذا فاتني ظلّ الحمى ونعيمه ... فحسب فؤادي أن يهبّ نسيمه

ويقنعني أنّى به متكنّف ... فزمزمه دمعي، وجسمي حطيمه

يعود فؤادي ذكر من سكن الغضا ... فيقعده فوق الغضا ويقيمه

ولم أر شيئا كالنّسيم إذا سرى ... شفى سقم القلب المشوق سقيمه

نعلّل بالتذكار نفسا مشوقة ... ندير عليها كأسه ونديمه

وما شفني بالغور قدّ مرنّح ... ولا شاقني من وحش وجرة ريمه

ولا سهرت عيني لبرق ثنيّة ... من الثغر يبدو موهنا فأشيمه

براني شوق للنبيّ محمد ... يسوم فؤادي برحه ما يسومه

<<  <  ج: ص:  >  >>