للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولد هو الميت ولم يكن له سواه فكان موته مما زاد في مرضه وفي الخميس بعده توفيت أم السلطان!

[ذكر وفاة السلطان وولاية ابن أخيه وانصرافي عنه]

وفي الخميس الثالث توفيّ السلطان غياث الدين وشعرت بذلك فبادرت الدخول إلى المدينة خوف الفتنة، ولقيت ناصر الدين بن أخيه الوالي بعده خارجا إلى المحلة قد وجّه عنه، إذ ليس للسلطان ولد، فطلبني في الرجوع معه فأبيت، وأثّر ذلك في قلبه وكان ناصر الدين هذا خديما بدهلي قبل أن يملك عمّه فلما ملك عمه هرب في زيّ الفقراء إليه فكان من القدر ملكه بعده.

ولما بويع مدحته الشعراء فأجزل لهم العطاء وأول من قام منشدا القاضي صدر الزمان فأعطاه خمسمائة دينار وخلعة. ثم الوزير المسمّى بالقاضي فأعطاه ألفي دينار دراهم، وأعطاني أنا ثلاثمائة دينار وخلعة، وبث الصدقات في الفقراء والمساكين، ولما خطب الخطيب أول خطبة خطبها باسمه نثرت عليه الدنانير والدراهم في أطباق الذهب والفضة، وعمل عزاء السلطان غياث الدين فكانوا يختمون القرآن على قبره كلّ يوم، ثم يقرأ العشّارون «٢٨٨» ، ثم يوتي بالطعام فيأكل الناس ثم يعطون الدراهم كلّ إنسان على قدره، وأقاموا على ذلك أربعين يوما ثم يفعلون ذلك في مثل يوم وفاته من كل سنة.

وأول ما بدأ به السلطان ناصر الدين أن عزل وزير عمه وطلبه بالأموال، وولي الوزارة الملك بدر الدين الذي بعثه عمّه إلي وأنا بفتن ليتلقاني، فتوفى سريعا فولى الوزارة خواجة سرور قائد البحر، وأمر أن يخاطب بخواجة جهان، كما يخاطب الوزير بدهلي، ومن خاطبه بغير ذلك غرم دنانير معلومة.

ثم إن السلطان ناصر الدين قتل ابن عمته المتزوّج بنت السلطان غياث الدين وتزوّجها بعده، وبلغه أن الملك مسعودا زاره في محبسه قبل موته فقتله أيضا، وقتل الملك بهادور، وكان من الشجعان الكرماء الفضلاء.

وأمر لي بجميع ما كان عيّنه عمه من المراكب برسم الجزائر، ثم أصابتني الحمى القاتلة هنالك، فظننت أنها القاضية، وألهمني الله التمر الهندي، وهو هنالك كثير فأخذت نحو

<<  <  ج: ص:  >  >>