وشاع عني أني مرضت، فأتى ناصر الدين الخوارزميّ صدر الجهان لزيارتي فلمّا رءاني قال: ما أرى بك مرضا، فقلت: إني مريض القلب! فقال لي: عرفني بذلك! فقلت له: ابعث إليّ نائبك شيخ الاسلام اعرّفه به، فبعثه إليّ فاعلمته، فعاد إليه فأعلمه، فبعث إليّ بألف دينار دراهم، وكان له عندي قبل ذلك ألف ثان ثمّ طلب منّي بقيّة المال، فقلت في نفسي: ما يخلّصني منه الّا صدر الجهان المذكور لأنه كثير المال، فبعثت اليه بفرس مسرج قيمة سرجه ألف وستّماية دينار، وبفرس ثان قيمته وقيمة سرجه ثمانمائة دينار وببلغتين قيمتهما ألف ومائتا دينار، وبتركش فضّة وبسيفين غمدهما مغشّيان بالفضّة، وقلت له: انظر قيمة الجميع وابعث إليّ ذلك، فأخذ ذلك وعمل لجميعه قيمة ثلاثة آلاف دينار، فبعث إليّ الفا واقتطع الالفين، فتغيّر خاطري، ومرضت بالحمّى، وقلت في نفسي: إن شكوت به إلى الوزير افتضحت، فأخذت خمسة أفراس وجاريتين ومملوكين، وبعثت الجميع للملك مغيث الدين محمّد بن ملك الملوك عماد الدين السّمنانيّ، وهو فتيّ السنّ، فردّ عليّ ذلك وبعث إليّ مايتي تنكة واعتذر وخلّصت من ذلك المال، فشتّان بين فعل محمّد ومحمّد!
ذكر خروجي إلى محلّة السلطان.
وكان السلطان لمّا توجّه إلى بلاد المعبر وصل إلى التّلنك ووقع الوباء بعسكره فعاد إلى دولة آباد، ثمّ وصل إلى نهر الكنك فنزل عليه، وأمر الناس بالبناء، وخرجت في تلك الأيّام إلى محلّته واتّفق ما سردناه من مخالفة عين «١٣٢» الملك، ولازمت السلطان في تلك الأيّام وأعطاني من عتاق الخيل لمّا قسّمها على خواصّه، وجعلني فيهم وحضرت معه الوقيعة على عين الملك والقبض عليه وجزت معه نهر الكنك ونهر السّرو لزيارة قبر الصالح سالار عود، وقد استوفيت ذلك كلّه، وعدت معه إلى حضرة دهلي لمّا عاد اليها.
ذكر ما همّ به السلطان من عقابي وما تداركني من لطف الله تعالى!
وكان سبب ذلك أنّي ذهبت يوما لزيارة الشيخ شهاب الدين بن الشيخ الجام بالغار الذي احتفره خارج دهلي «١٣٣» .
وكان قصدي رؤية ذلك الغار، فلمّا أخذه السلطان سأل أولاده عمّن كان يزوره فذكروا ناسا أنا من جملتهم، فأمر السلطان أربعة من عبيده بملازمتي بالمشور.