واضافنا الملك مقبل يوما بداره فكان من النادر أن جلس قاضي المدينة، وهو أعور العين اليمنى، وفي مقابلته شريف بغدادي شديد الشبه به في صورته وعوره، إلا أنه أعور اليسرى! فجعل الشريف ينظر إلى القاضي ويضحك، فزجره القاضي، فقال له: لا تزجرني فاني أحسن منك، قال: كيف ذلك؟ قال لأنك أعور اليمنى وأنا أعور اليسرى! فضحك الأمير والحاضرون وخجل القاضي ولم يستطع أن يرد عليه، لأن الشرفاء ببلاد الهند معظّمون أشدّ التعظيم.
وكان بهذه المدينة من الصالحين الحاج ناصر من أهل ديار بكر وسكناه بقبة من قباب الجامع دخلنا إليه وأكلنا من طعامه، واتّفق له لما دخل القاضي جلال مدينة كنباية حين خلافه أنه أتاه، وذكر للسلطان أنه دعا له، فهرب لئيلا يقتل كما قتل الحيدري «٧٠» .
وكان بها أيضا من الصالحين التاجر خواجة إسحاق، وله زاوية يطعم فيها الوارد والصادر، وينفق على الفقراء والمساكين، وماله على هذا ينمّي ويزيد كثرة.
وسافرنا من هذه المدينة يعني كنباية إلى بلدة كاوي «٧١» ، وهي على خور فيه المد والجزر وهي من بلاد الريّ جالنسي الكافر وسنذكره، وسافرنا منها إلى مدينة قندهار «٧٢» وضبط اسمها بفتح القاف وسكون النون وفتح الدال المهمل وهاء والف وراء، وهي مدينة كبيرة للكفار على خور من البحر.
[ذكر سلطانها (قندهار)]
وسلطان قندهار كافر اسمه جالنسي «٧٣» بفتح الجيم واللام وسكون النون وكسر السين المهمل، وهو تحت حكم الاسلام ويعطي لملك الهند هدية كلّ عام، ولما وصلنا إلى قندهار خرج إلى استقبالنا وعظّمنا أشد التعظيم وخرج عن قصره فأنزلنا به، وجاء إلينا من