ولما بلغنا إلى مدينة كول بلغنا أن بعض كفار الهنود حاصروا بلدة الجلالي «٢٠» وأحاطوا بها وهي على مسافة سبعة أميال من كول فقصدناها، والكفار يقاتلون أهلها، وقد أشرفوا على التّلف، ولم يعلم الكفار بنا حتى صدقنا الحملة عليهم، وهم في نحو ألف فارس وثلاثة آلاف راجل، فقتلناهم عن آخرهم واحتوينا على خيلهم وأسلحتهم، واستشهد من أصحابنا ثلاثة وعشرون فارسا وخمسة وخمسون راجلا، واستشهد الفتى كافور الساقي الذي كانت الهدية مسلمة بيده، فكتبنا إلى السلطان بخبره، وأقمنا في انتظار الجواب.
وكان الكفار في أثناء ذلك ينزلون من جبل هنالك منيع فيغيرون على نواحي بلدة الجلالي، وكان أصحابنا يركبون كلّ يوم مع أمير تلك الناحية ليعينوه على مدافعتهم.
ذكر محنتي بالأسر وخلاصي منه، وخلاصي من شدة بعده، على يد وليّ من أولياء الله تعالى
وفي بعض تلك الأيام ركبت في جماعة من أصحابي ودخلنا بستانا نقيل فيه وذلك فصل القيظ، فسمعنا الصياح، فركبنا ولحقنا كفارا أغاروا على قرية من قرى الجلالي، فاتبعناهم فتفرقوا وتفرق أصحابنا في طلبهم، وانفردت في خمسة من أصحابي، فخرج علينا جملة من الفرسان والرجال من غيضة هنالك ففررنا منهم لكثرتهم واتبعني نحو عشرة منهم، ثم انقطعوا عني إلا ثلاثة منهم ولا طريق بين يدي، وتلك الأرض كثيرة الحجارة فنشبت يدا فرسي بين الحجارة، فنزلت عنه واقتلعت يده وعدت إلى ركوبه.
والعادة بالهند أن يكون مع الانسان سيفان: أحدهما معلق بالسّرج، ويسمى الرّكابي، والآخر في التركش، فسقط سيفي الركابي من غمده وكانت حليته ذهبا فنزلت فأخذته وتقلدته وركبت وهم في أثري، ثم وصلت إلى خندق عظيم فنزلت ودخلت في جوفه فكان آخر عهدي بهم.
ثم خرجت إلى واد في وسط شعراء ملتفة في وسطها طريق فمشيت عليه ولا أعرف منتهاه فبينا أنا في ذلك خرج عليّ نحو أربعين رجلا من الكفار بأيديهم القسّي فأحدقوا بي وخفت أن يرموني رمية رجل واحد إن فررت منهم، وكنت غير متدرع، فألقيت بنفسي إلى الأرض واستأسرت، وهم لا يقتلون من فعل ذلك، فأخذوني وسلبوني جميع ما عليّ، غير جبة وقميص وسروال ودخلوا بي إلى تلك الغابة فانتهوا بي إلى موضع جلوسهم منها على حوض ماء بين تلك الاشجار وأتوني بخبز ماش، وهو الجلبّان، فأكلت منه وشربت من الماء.